Арабы этого времени: страна без владельца
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Жанры
معظمها إجابات عملية تهدف إلى تحقيق مصالح الناس؛ الأهلة لمعرفة المواقيت، والمحيض أذى يوجب الاعتزال عن النساء، والخمر بها مضار للصحة والعقل والمال، ولا جواب عن أسئلة نظرية لا ينتج عنها أثر عملي، مثل
ويسألونك عن الروح (الإسراء: 85). وهناك أسئلة انتهى عصرها، مثل السؤال عن الأنفال والغنائم؛ فلا توزع غنائم الحرب، في حالة الانتصار اليوم، سلاحا وعتادا وإماء على المحاربين، بل تصبح ملكا للدولة. والأسرى، نساء ورجالا، تحميهم المواثيق والمعاهدات الدولية. والشريعة متغيرة بتغير الزمان بدليل «الناسخ والمنسوخ»؛ فالأحكام الشرعية متطورة بتطور الزمان كما هو الحال في تحريم الخمر الذي تدرج كما هو معروف، من الضرر إلى عدم شربه وقت الصلاة إلى اجتنابه كلية. وأحيانا يتجاوز الواقع والزمان أحكام الشريعة، مثل أحكام الغنائم والإماء والصيد. وقد أوقف عمر العمل بحد السرقة عام المجاعة كما هو معروف، وأوقف سهم المؤلفة قلوبهم، وأفتى محمد عبده بجواز أخذ فوائد التوفير نظرا لانخفاض العملة عبر الزمان، وأفتى آخرون بإيقاف تعدد الزوجات كحق مطلق استنادا إلى تعليقه على شرط مستحيل، وهو العدل بينهن. ورأى آخرون إبقاءه بعد إخطار الزوجة الأولى. وشكلت لجان لإعادة تقنين الشريعة طبقا لأحوال العصر، وإعطاء صياغات جديدة لقانون الأحوال الشخصية بدلا من توقف المطلقات والأرامل، واللاتي يهاجر أزواجهن إلى مناطق جذب العمالة دون إخطار زوجاتهن. كل منهن تحمل على ذراعيها وليدها، أو تجر في أذيالها أبناءها وبناتها.
ولا الدساتير أيضا ثابتة، ولا شريعة نابليون التي اعتبرها الطهطاوي متفقة في روحها مع الشريعة الإسلامية أيضا ثابتة إلى يوم الدين؛ لذلك يدرس طلاب الحقوق تاريخ القانون لبيان تطوره عبر العصور. وتتغير القوانين الحديثة من عصر إلى عصر، ومن شعب إلى شعب، ومن ثقافة إلى ثقافة في القانون الجنائي والقانون المدني، وقانون المرافعات. والقانون التجاري يعكس موازين القوى الاجتماعية والتركيب الطبقي للمجتمع، والقانون الدولي العام والخاص تسيطر عليه القوى الكبرى في صياغاته وأهدافه، ويعبر عن موازين القوى الدولية في كل عصر. وطالما أدخلت تعديلات على كل الدساتير كملاحق لها، بل قد تتغير بتغير النظام السياسي من ملكي إلى جمهوري، والنظام الاقتصادي من رأسمالي إلى اشتراكي. والدستور المصري الحديث ليس ثابتا، بل أعيدت صياغته عدة مرات منذ دستور 1923م إلى دستور 1971م.
تختلف مدارس القانون في فهم طبيعة القانون بين أكثرها محافظة وأشدها تحررا؛ فالمدرسة المحافظة تعتبر القانون تعبيرا عن الإرادة الإلهية، وهو عام شامل مطلق مثلها لا يتغير بتغير الزمان والمكان. وتراه المدرسة العقلية تعبيرا عن العقل الخالص. والعقل أيضا ثابت لا يتغير، العقل البديهي البسيط. وتراه المدرسة الطبيعية تعبيرا عن الطبيعة الإنسانية وبنيتها الفطرية. وهي أيضا ثابتة لا تتغير. فالإنسان إنسان منذ الخلق حتى البعث.
يبدأ التصور الاجتماعي المتغير للقانون ابتداء من المدرسة الاجتماعية والتطورية التي تعتبر القانون تعبيرا عن نظام المجتمع، يتطور بتطور المراحل التاريخية للمجتمعات، وتاريخ التشريع ونظام القرابة شاهد على ذلك. ومنها من يعتبر القانون انعكاسا للصراع الطبقي في المجتمع وتوازن القوى فيه كما هو الحال في مصر؛ لذلك تتغير التشريعات ونظم التعليم والاقتصاد في كل جيل عدة مرات، بل إن هذا القانون ذاته يخضع لتأويلات وتفسيرات متعددة طبقا لفهم القانون عند المدعي العام والدفاع والقاضي . وصراع التأويلات هو صراع قوي ينعكس في طريقة فهم النصوص؛ لذلك نشأ صراع بين حرف القانون وروح القانون بين نفس المدرستين المحافظة والتحررية.
والشريعة ليست كلا واحدا، ورأيا واحدا، واتجاها واحدا، بل هي متعددة الآراء والاتجاهات بين المذاهب الفقهية الأربعة الشهيرة. ويختار كل شعب المذهب الذي يتفق مع خصوصيته. اختارت مصر الشافعية، الوسطية بين الحنفية والمالكية، وإن كانت جزءا من المنظومة المالكية للمغرب العربي، وفي الأحوال الشخصية حنفية. وأصبحت اليوم في السلوك اليومي حنبلية تحت تأثير التيار المحافظ في شبه الجزيرة العربية، وكرد فعل على انهيار الدولة الحديثة في مرحلة ما بعد الاستعمار، واستبعاد الحركة الإسلامية من المشاركة السياسية بعد الثورات العربية الأخيرة على مدى أكثر من نصف قرن، وفشل الأيديولوجيات العلمانية للتحديث؛ الليبرالية والقومية والماركسية.
ولا يعني تطبيق الشريعة تطبيق الحدود؛ أي قانون العقوبات؛ فلا واجبات بلا حقوق. وإذا كان من الواجبات تطبيق الأحكام الشرعية أوامر ونواهي، فمن الحقوق إعطاء كل فرد حقه في بيت المال، في الغذاء والكساء والإسكان والعلاج والتعليم والعمل والمشاركة في ثروات البلاد قبل تطبيق حد السرقة أو حد الزنا؛ فلكل حكم سبب وشرط ومانع، فلا يطبق حد السرقة بدافع الجوع والحرمان وبعموم البلوى إذا كان الكل سارقا. وهناك فرق بين السرقة من أجل البقاء والسرقة لنهب الأموال وثروات البلاد. ولا تتعلق الشريعة فقط بالأحوال الشخصية، بل بالأحوال العامة، ليس من الباب الضيق، من غرفات النوم، بل من الباب العريض، من النظام السياسي والاجتماعي. نظامها السياسي شورى ضد الاستبداد بالرأي وفردية القرار. يقوم على البيعة، وليس على الانقلاب العسكري أو الوراثة والتوريث. ونظامها الاقتصادي يقوم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج، وعلى التوزيع العادل للدخل القومي طبقا لطبيعة العمل وحده. ونظامها القانوني يقوم على الحسبة والرقابة على الأسواق وجهاز الدولة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي الوظيفة الرئيسية للحكومة الإسلامية حتى عند السلفيين. ونظامها القضائي يقوم على استقلال القضاء. مهمتها الذب عن البيضة؛ أي الدفاع وتقوية الثغور والحفاظ على استقلال البلاد الوطني ووحدة الأمة وتنمية مواردها وإعمار الأرض. والخروج على الحاكم الظالم واجب شرعي بعد استيفاء الشروط؛ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لأولي الأمر، واللجوء إلى قاضي القضاة.
هناك فرق بين الجد والهزل، بين تحقيق المصالح العامة وإثارة المشاكل المفتعلة لملء الفراغ السياسي، والإيهام بمشاركة الشعب في تعديل الدستور. إن المصدر الأول للتشريع هو المصالح العامة، تحقيق أكبر قدر من المصلحة لأكبر عدد ممكن من الناس؛ فالمصلحة أساس التشريع كما قرر بذلك كل الفقهاء، وعلى رأسهم الشاطبي والطوفي إمام الحنابلة. وما يحدث اليوم من تعديلات للدستور إضرار بالمصالح العامة، وهي أساس الشريعة والدستور في آن واحد.
الإسلام والصراع على السلطة
2
Неизвестная страница