Арабы этого времени: страна без владельца
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Жанры
ويزداد الواقع الاجتماعي تأزما، وتتسع الهوة بين الأغنياء والفقراء، وترتفع نسبة البطالة، ويصعب إيجاد السكن الرخيص، وتنتشر مظاهر البذخ للطبقات العليا ورجال الأعمال في الأحياء الراقية في المدن الجديدة أو المصايف، والأسماء الأجنبية للقرى المصرية (مارينا)، (ستيلا دي ماري)، أو العربية التابعة مثل «الريف الأوروبي» على أرض مصر. وينتشر الاحتكار للمواد الرئيسية مثل مواد البناء، ويتم التلاعب بالأسعار بلا أدنى قانون أو رابط. وتهرب أموال مصر إلى الخارج بما يعادل ضعف دينها العام، وتبلغ ثروات فرد واحد ضعف ديون مصر.
وتوارى العامل السياسي بالرغم من حضوره ومشاهدته بالعيان؛ عزلة مصر، والتفريط في أمنها القومي في الشام شمالا، والسودان جنوبا، والعراق والخليج شرقا، وليبيا والمغرب العربي غربا، وهي جزء من المغرب العربي الكبير. ولم تعد الجماهير تتساءل حول التبعية لأمريكة في السياسة الخارجية، والصلح والاعتراف والتطبيع مع إسرائيل. وضمر الخيال السياسي، وإيجاد أحلاف جديدة في المنطقة مع إيران وتركية للوقوف أمام نزعات التجزئة والحصار.
فإذا كانت الأولوية في حركات التحرر الوطني للسياسة على الاقتصاد، فإن الأولوية في خطاب ما بعد الاستعمار وضعف الدولة الوطنية للاقتصاد على السياسة، وللخبز على الحرية.
المفاتيح السحرية
كلما تشتد الأزمات ويصعب حلها، وكلما تزداد الصعاب والعقبات، ويعجز المجتمع عن مواجهتها؛ تكثر المفاتيح السحرية كنوع من الهروب إلى الأمام، والإيهام بالحل والقدرة على المواجهة، وتكثر الشعارات وتتوالى؛ فبعد هزيمة يونيو (حزيران) 1967م رفع شعار «العلم والتكنولوجيا»؛ فقد كانت هزيمة العرب أمام إسرائيل في العلم والتكنولوجيا لعدم استطاعتهم اتقاء ضربة الطيران الأولى. وبعد انتصار أكتوبر 1973م رفع شعار «العلم والإيمان»؛ فقد تمكن العرب من السيطرة على العلم بفن العبور والمدافع المائية، والزوارق المطاطية وعبور الساتر الترابي، وضربة الطيران الأولى، والجندي في مواجهة الدبابة، بل وحاربت الملائكة مع العرب، وعبرت القناة معهم كما حدث في غزوة بدر. وبعد أن بدأ التفريط في النصر العسكري الذي تحول إلى هزيمة سياسية بالصلح والاعتراف بالعدو الصهيوني في معاهدة كامب ديفيد في 1978م، ومعاهدة السلام في 1979م، رفعت شعارات «الإسلام هو الحل»، «الإسلام هو البديل»، «الحاكمية لله»، «تطبيق الشريعة الإسلامية».
توالت الشعارات الأخرى من العلمانيين، مثل «الليبرالية هي الحل» دفاعا عن الحرية السياسية، «الديمقراطية هي الحل» دفاعا عن تداول السلطة، «العلمانية هي الحل» في مواجهة الإسلاميين، «الخصخصة هي الحل» تخلصا من عيوب القطاع العام، لا فرق بين الاقتصاد والتعليم. «العولمة هي الحل»؛ فرأس المال لا وطن له.
وأخيرا رفع شعار «مجتمع المعرفة» نظرا لثورة الاتصالات، وتراكم المعارف، وانتشار البرامج وأجهزة الاتصالات الحديثة، «الكومبيوتر» والمحمول والشرائح التي تجعل العالم كله بين يدي الإنسان وعلى أطراف أصابعه، وتحويل العالم الفعلي في الخارج إلى عالم ضمني متخيل من خلال الشاشات الضوئية؛ فالمعلومات قوة، وأصبح من بين إمكانيات الإنسان الحديث «اللاب توب»؛ فكل شيء فيه. العلم فيه، والعمل فيه، مثل الكتب السماوية في المجتمعات التقليدية التي حوت كل العلوم والمعارف، وكل الإرشادات والتوجيهات، وبها خلاص العالم.
توهم الإنسان أن العالم بين يديه، وقد يكون للعالم قوانينه الخاصة التي تتفاعل معها الإرادات البشرية وحريات الاختيار؛ فلم تستطع كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية والأقمار الصناعية والتقاط الصور عن تحركات الجنود على ضفاف القناة ومحطات الإنذار المبكر، أن تتنبأ باندلاع حرب السادس من أكتوبر الساعة الثانية إلا خمس دقائق. واستطاع الفيتناميون بأدوات النضال التقليدية، الأنفاق تحت الأرض للجرذان البشرية، والاختباء بغصون الأشجار والصواريخ القصيرة المدى مثل سام 6 إسقاط أكبر الطائرات العسكرية الأمريكية إف 16، والانتصار على أعتى الجيوش عدة وعتادا. واستطاعت المقاومة الجزائرية الانتصار على الجيش الفرنسي، ومن ورائه حلف شمال الأطلنطي .
وتفعل الآن المقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية والمقاومة الأفغانية نفس الشيء مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، والأمريكي في العراق وأفغانستان.
لا يقوم مجتمع المعرفة إلا في مجتمع مستقر استطاع إشباع حاجاته الرئيسية؛ الطعام ضد الجوع، والمياه النظيفة للشرب وليس المياه الآسنة الملوثة من البرك والمستنقعات، والإسكان ضد العراء والمخيمات والكهوف، واللباس ضد العري، والصرف الصحي ضد المجاري الطافحة، ونزع المخلفات الآدمية بالعربات من الأحياء الفقيرة، والعمل ضد البطالة، والتعليم ضد الجهل، والصحة ضد المرض، ورفع مستوى المعيشة فوق حد الفقر. دون إشباع هذه الحاجات الأساسية للإنسان لا يمكن أن يطالب بمجتمع المعرفة.
Неизвестная страница