كَمَا قَالَ الْقَائِل
مَلَأت قلبه غرُورًا وفتنه ... واصمت عَن الْحَقِيقَة أُذُنه
ورمت عينه ببرقة سحر ... طمستها فَمَا يرى مَا أجنه
لم تدع فِيهِ مطمعا لسواها ... فهواها لَدَيْهِ فرض وَسنة
أَي خداعة تعلق مِنْهَا ... إِنَّهَا إِنَّهَا وَإنَّهُ إِنَّه
فأطرحها فَمَا إخالك إِلَّا ... مثله فَالْكَلَام شعر وجنة
فتجده قد طول أمله وَمد الْمسَافَة بَين يَدَيْهِ فَإِن كَانَ شَابًّا قَالَ أَنا صَغِير وَالْأَيَّام بَين يَدي وَأَيْنَ حَتَّى أبلغ سِتِّينَ سنة أَو سبعين سنة وَأَنا مُحْتَاج إِلَى الزَّوْجَة وَالزَّوْجَة تحْتَاج إِلَى كَذَا وَكَذَا وَإِذا كَانَت الزَّوْجَة كَانَ الْوَلَد وَكَانَت الْبِنْت وَاحْتَاجَ الْوَلَد إِلَى كَذَا وَكَذَا واحتاجت الْبِنْت أَيْضا إِلَى كَذَا وَكَذَا وَهَذَا كُله إِنَّمَا يكون بِالْمَالِ وَإِن لم يكن لي مَال لم أصل إِلَى مَرْغُوب وَلم أظفر بمطلوب وَإِن قعدت عَن الطّلب احتجت إِلَى النَّاس فَإِذا احتجت إِلَى النَّاس احتقرت واستخف بِي وَجَهل قدري كَمَا قَالَ الْقَائِل
والمرء لَا يصغر مِقْدَاره ... إِلَّا إِذا احْتَاجَ إِلَى النَّاس
وَترى فلَانا قد اكْتسب وَجمع وَتزَوج وتمتع وظفر بالمراد وَوصل إِلَى مَا أَرَادَ وَفُلَان كَذَلِك
وَلَا يَقُول ترى فلَانا كَانَ شَابًّا مثلي وَأَرَادَ مَا أردْت وسعى فِيمَا سعيت فَمَاتَ قبل أَن يصل إِلَى إِرَادَته واختطف قبل أَن يحصل على مطلبه
وَلَا يَقُول ترى فلَانا طلب واجتهد فَلَمَّا اجْتمع لَهُ مَا اجْتمع سرق مِنْهُ أَو اعْتدى عَلَيْهِ فاغتصب أَو عطب فِي رُجُوعه إِلَى بَلَده وانصرافه إِلَى وَطنه فَمَاتَ فِي عطبته وَهلك فِي نكبته
أَو ترى فلَانا خرج مَحْزُونا مسلوبا فَقِيرا حسيرا
1 / 97