والأعراب، وقدحهم النار بالمرخ «١» والعفار «٢»، فزعم لنا صديقنا الثوريّ، وهو، ما علمت، أحد المرشدين: أن عراجين الأعذاق «٣» تنوب عن ذلك أجمع، وعلّمني كيف تعالج. ونحن نؤتي بها من أرضنا بلا كلفة. فالخادم اليوم، لا تقدح ولا توري إلا بالعرجون» .
قال القوم: «قد مرت بنا اليوم فوائد كثيرة، ولهذا ما قال الأول:
«مذاكرة الرجال تلقح الألباب» .
معاذة العنبرية:
ثم اندفع شيخ منهم فقال: «لم أر في وضع الأمور مواضعها وفي توفيتها غاية حقوقها، كمعاذة العنبرية» . قالوا: «وما شأن معاذة هذه»؟
قال: أهدى إليها العام ابن عمّ لها أضحية «٤» . فرأيتها كئيبة حزينة مفكّرة مطرقة، فقلت لها: مالك يا معّاذة؟ قالت أنا إمرأة أرملة وليس لي قيّم «٥»، ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي. وقد ذهب الذين كانوا يدبّرونه ويقومون بحقّه. وقد خفت أن يضيع بعض هذه الشاة، ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنها. وقد علمت أن الله لم يخلق فيها، ولا في غيرها شيئا لا منفعة فيه. ولكن المرء يعجز لا محالة. ولست أخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر تضييع الكثير:
1 / 59