فقال حسين: لم يحفظ سالم درسه السابق، وسأعود إليه غدا.
وذهبا إلى حجرتهما فجلس حسين إلى كرسيه من المكتب، ومضى حسنين إلى النافذة ففتحها وجلس على حافة الفراش. «أسوأ نهاية لأحسن بداية، ما أحمقه! كيف سولت له نفسه التجسس علي، أفسد علي شاعرية الموقف السعيد. كلا، لا يمكن أن يفسدها شيء، سيزول كل شيء وتبقى هي وضيئة سعيدة باهرة. هيهات أن أنسى لحظة الصمت الناطق! قالت كل شيء دون أن تنبس بكلمة.» - أغلق النافذة، هل أنت مجنون؟!
أفزعته صيحة أخيه، ثم ركبه الحنق والعناد فقال: الجو محتمل ولطيف.
فصاح به حسين: أغلق النافذة بلا مكابرة.
فحملته لهجة أخيه على التمادي في العناد فقال: انتقل إلى الكرسي الآخر تبتعد عن تيار الهواء، إن كان ثمة تيار!
فنفخ حسين متغيظا وقام إلى النافذة فأغلقها بشدة، ففرقعت في السكون طقطقة مزعجة وتحطم لوح من الزجاج. وساد صمت ورعب، وسرعان ما أعماه الغضب فلطم حسنين صارخا: أنت السبب!
وجن جنون حسنين فضربه بقبضة يده في رأسه، ثم اشتبكا في عراك. وما لبثت الأم ونفيسة أن هرولتا إلى الداخل، وبحضور الأم كف كلاهما وهو يدمدم ويهينم. ووقفت الأم حيالهما تردد بينهما بصرا غاضبا، ثم استقرت عيناها على الزجاج المحطم، وتساءلت في هدوء ينذر بالعاصفة: ما خطبكما؟
فقال حسنين بعجلة ولهوجة: كان يغلق النافذة بقوة فتحطم الزجاج ثم لطمني.
وقال حسين بصوت متهدج: فتح النافذة في هذا الجو البارد، فطلبت إليه أن يغلقها، فأبى بوقاحة، فقمت لأغلقها بنفسي وحصل ما حصل.
فزفرت الأم قائلة: رحماك يا ربي، ألا يكفيني ما بي!
Неизвестная страница