قال ابن القيم: الوجه الثالث: أن الدليل المذكور لو صح لزم بطلان الحسن والقبح الشرعيين؛ لأن فعل العبد ضروري أو اتفاقي، وما كان كذلك فإن الشرع لا يحسنه ولا يقبحه؛ لأنه لا يرد التكليف به فضلا أن يجعله متعلق الحسن أوالقبح.
وأما الدليل الذي اعتمده الآمدي: وهو أن حسن الفعل لوكان ذاتيا لزم قيام المعنى بالمعنى أي الغرض بالغرض، واللازم باطل أما الأولى؛ فلأن حسن الفعل مثلا أمره زئد على مفهوم الفعل وإلا لزم من يقعل الفعل يعقله، ولا يلزم أن يعقل الفعل ولا يخطر بالبال حسنه، ثم يلزم أن يكون أمرا وجوديا؛ لأن نقيضه لا حسن وهو سلب إذ لو لم يكن سلبا لاستلزم محلا موجودا فلم يصدق على المعدوم أنه لا يحسن وأنه باطل بالضرورة، وأيضا إذا لم يصدق عليه أنه ليس بحسن صدق عليه أنه حسن إذ لا مخرج على النفي والاثبات، فلم يكن الحسن وصفا ذاتيا إذ المعدوم لا تكون له صفة إلا مقدرة موهومة، وكيف تكون صفة حقيقة ذاتية لما لا حقيقة ولا ذات له؟ وإذا ثبت أن نقضيه سلب كان موجودا وإلا ارتفع النقيضان فقد ثبت أنه زئد وجودي فهو معنى؛ لأن ذلك هو معنى المعنى، ثم نقول الفعل قد يوصف به حيث يقال الفعل حسن فيلزم قيام الحسن بالفعل لامتناع أن يوصف الشيء بمعنى يقوم بغيره، والفعل أيضا معنى وهو ظاهر فيلزم قيام المعنى بالمعنى.
Страница 72