وعندما نحاول أن نفهم هذا الموقف نجد أنه لا مفر لنا من الاعتراف بأنه موقف مادي، بل كذلك موقف سبينوزا نفسه الذي نفهم منه أن القوة الخالقة ليست منفصلة من المادة وإنما كامنة فيها.
وهذه القوة الخالقة عند سبينوزا - بل أيضا عند برجسون - هي الله، الذي ينأى معناه هنا عن معناه في كتب الدين.
وهذه القوة في المادة عند برنارد شو هي قوة تطورية؛ أي إن في المادة خاصة التطور، وكثيرا ما نجد برنارد شو يقول «ديانة التطور».
والموقف هنا مادي لا شك فيه عند هؤلاء الثلاثة: سبينوزا، وبرجسون، وشو. نستطيع أن نعبر عن موقف برنارد شو بهذه الكلمات:
إن العقل كامن في المادة.
والأخلاق والإنسانية والخير كامنة كلها في العقل.
والخير أكبر من الشر في هذه الدنيا، بل في هذا الكون، وبرهان ذلك عند شو أنه لو كان العكس هو القائم، أي الشر أكبر من الخير، لكانت الفوضى ثم انقراض الإنسان، بل الأحياء جميعها. فبقاء الإنسان في نظام ومجتمع برهان على أن الخير، في الطبيعة، في المادة، في الدنيا، أكبر من الشر.
ليس هناك إله خالق منفصل عن المادة، هذا هو موقف الثلاثة الذين ذكرنا.
القوة الخالقة في المادة هي خاصة من خواص المادة، أي إنها خاصة التطور فيها.
ليست هناك قوة روحية، أي روح للكون، كما ليس هناك روح للإنسان، إنما مادة الكون ومادة الإنسان تحتوي كلتاهما قوة التطور .
Неизвестная страница