ألوان البيان والبديع الساحرة في الشعر العربي والتي ألَمَّ بها ابن المعتز، مثل: الالتفات والاعتراض وتجاهل العارف والهزل يراد به الجد وحسن الابتداء وحسن التضمين وتأكيد المدح بما يشبه الذم والمذهب الكلامي وغيرها؛ إذ كان ثعلب -ولا شك- سيستفيد من دراسات ابن المعتز -لو كان ابن المعتز قد ألف كتابه "البديع" قبل أن يؤلف أستاذه "قواعد الشعر"- وسيحاول أن يقتبس منها بعض الاقتباس في كتابه.
فثعلب -إذن- هو أول مَن كتب في مؤلَّف عن هذه الألوان البيانية والبديعية بمثل هذا الوضوح والعرض والنظام، وذلك أثر غير قليل لثعلب في فن البيان.
ومن الغريب ألا يشير ابن المعتز في "البديع" إلى كتاب "قواعد الشعر" مع أنه ساق بعض الشواهد الواردة في "قواعد الشعر"، ومع أنه قريب في تحديد الاستعارة وغيرها من أستاذه ثعلب؛ بل ومن الغريب أيضًا أن يخالفه في تسميه "المطابق" الذي سماه ثعلب "مجاورة الأضداد"، وفي تسمية "الجناس" الذي سمى ثعلب نوعًا منه "المطابق"؛ ولكن لا ضير في اختلاف الاصطلاحات، فلكل مؤلف أو مبتكر الحق في تسمية ما يشاء بما يشاء، ومن قبل ذكر أرسطو أنه مطلق لكل أحد احتاج إلى تسمية شيء ليعرفه به أن يسميه بما شاء من الأسماء١؛ ولكن الغريب حقًّا أن يقول ابن المعتز عن نفسه: "وما جمع فنون البديع ولا سبقني إليه أحد"٢، فلا شك أن لثعلب الفضل في أنه جمع في "قواعد الشعر" أهم ألوان البديع التي ذكرها ابن المعتز في كتابه مثل: التشبيه والاستعارة ولطافة المعنى والتعريض ومجاورة الأضداد والمطابق، وهذه الأنواع هي أهم ما في كتاب "البديع" لابن المعتز من ألوان البديع، و"قواعد الشعر" يمتاز بأنه يعرض لأصل هام في البلاغة العربية بتقسيمه الشعر إلى: خبر واستخبار وأمر ونهي.
_________
١ ٧٤ نقد النثر ط ١٩٣٧.
٢ ١٠٦ البديع.
1 / 67