التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Халдун Нагиб d. Unknown
100

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Жанры

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ - المَسْأَلَةُ الأُوْلَى) زَعَمَ بَعْضُ المُبْتَدِعَةِ أَنَّ دُعَاءَ الأَوْلِيَاءِ الأَمْوَاتِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سُؤَالِ العَبْدِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَكْرَمَهُم بِذَلِكَ - وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُثْبِتُوْنَ الكَرَامَاتِ -!! وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ أَوْجُهٍ: ١) أَنَّ دُعَاءَ الأَمْوَاتِ عَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ المُشْرِكِيْنَ، قَالَ تَعَالَى عَنْهُم: ﴿وَالَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ لَا يَخْلُقُوْنَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُوْنَ، أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُوْنَ أَيَّانَ يُبْعَثُوْنَ﴾ (النَّحْل:٢١). ٢) أَنَّ أَصْلَ شِرْكِ المُشْرِكِيْنَ هُوَ التَّعَلُّقُ بِالصَّالِحِيْنَ وَجَعْلُهُم وَسَائِطَ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى، وَأَنَّ أَصْنَامَ قَوْمِ نُوْحٍ (وَدَّ - سُوَاعَ - يَغُوْثَ - يَعُوْقَ - نَسْرَ) هُمْ رِجَالٌ صَالِحُوْنَ. كَمَا فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوْفًا - يُخْبِرُ عَنْهَا -، فَقَالَ: (أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِيْنَ مِنْ قَوْمِ نُوْحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِيْ كَانُوا يَجْلِسُوْنَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُوْلَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ). (١) (٢) ٣) دَعُوَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَقْدَرَهُم عَلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ كَذِبٌ عَلَى الشَّرِيْعَةِ، وَحُمْقٌ فِي العَقْلِ. فَاللهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ قَضَاءَ الحَاجَاتِ لَهُم، بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُم أَمْوَاتٌ لَا يَسْمَعُوْنَ، وَأَنَّهُم لَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا. كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُوْنِ اللهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيْبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُوْنَ، وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَاَدِتِهمْ كَافِرِيْنَ﴾ (الأَحْقَاف:٦). (٣) ٤) الاحْتِجَاجُ بِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يُثْبِتُوْنَ الكَرَامَاتِ لَا دِلَالَةَ لَهُ هُنَا، لِأَنَّ مَا يَزْعُمُوْنَهُ هُوَ تَكْذِيْبٌ لِلشَّرِيْعَةِ، وَلَيْسَ إِثْبَاتًا لِلكَرَامَةِ، وَفِي الحَدِيْثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مَرْفُوْعًا (إِنَّ اللهَ لَا يُنَالُ فَضْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ). (٤) (٥)

(١) البُخَارِيُّ (٤٩٢٠). (٢) قَالَ الإِمَامُ العِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي رِسَالَةِ (الوَاسِطَةُ) (ص٥): (وَمَنْ أَثْبَتَ الأَنْبِيَاءَ وَسِوَاهُم مِنَ مَشَايخِ العِلْمِ وَالدِّيْنِ وَسَائِطَ بَينَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ كَالحُجَّابِ الَّذِيْنَ بَيْنَ المَلِكِ وَرَعِيَّتِهِ؛ بِحَيثُ يَكُوْنُوْنُ هُم يَرْفَعُوْنَ إِلَى اللهِ تَعَالَى حَوَائِجَ خَلْقِهِ؛ وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَهْدِي عِبَادَهُ وَيَرْزُقَهُم وَيَنْصُرَهُم بِتَوَسُّطِهِم؛ بِمَعْنَى أَنَّ الخَلْقَ يَسْأَلُونَهُم؛ وَهُم يَسْأَلُوْنَ اللهَ؛ كَمَا أَنَّ الوَسَائِطَ عِنْدَ المُلُوكِ يَسْأَلوْنَ المَلِكَ حَوَائِجَ النَّاسِ لِقُرْبِهِم مِنْهُم؛ وَالنَّاسُ يَسْأَلونَهُم أَدَبًا مِنْهُم أَنْ يُبَاشِرُوا سُؤَالَ المَلِكِ؛ وَلِأَنَّ طَلَبَهُم مِنَ الوَسَائِطِ أَنْفَعُ لَهُم مِنْ طَلَبِهِم مِنَ المَلِكِ لِكَوْنِهِم أَقْرَبَ إِلَى المَلِكِ مِنَ الطَّلَبِ! فَمَنْ أَثْبَتَهُم وَسَائِطَ عَلَى هَذِهِ الوُجُوْهِ؛ فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ؛ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَهَؤُلَاءِ مُشَبَّهُوْنَ للهِ، شَبَّهُوا الخَالِقَ بِالمَخْلُوْقِ، وَجَعَلُوا للهِ أَنْدَادًا). مُسْتَفَادٌ مِنْ كِتَابِ (التَّوَسُّلُ) (ص١٣٣) لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ ﵀. (٣) وَهُوَ حُمْقٌ فِي العَقْلِ؛ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُغَسِّلًا - يُغَسِّلُ مَيِّتًا - فَذَهَبَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي أَنْ يُغَسِّلَهُ بِمَاءٍ بَارِدٍ أَوْ حَارٍّ؛ أَلَا يَكُوْنُ عِنْدَ جَمِيْعِ النَّاسِ أَحْمَقًا؟! فَكَيْفَ إِذَا طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ؛ وَهُوَ فِي هَذِهِ الحَالِ مَيِّتٌ بَيْنَ يَدِي مُغَسِّلٍ!! (٤) صَحِيْحٌ. الحَاكِمُ (٢١٣٦). صَحِيْحُ التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ (١٧٠٠). (٥) فَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ﴾ وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (وَمَنْ أَفْضَلُ)! وَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ (النَّحْل:٢١) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (أَحْيَاءٌ غَيْرُ أَمْوَاتٍ)! وَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ: ﴿لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيْعًا﴾ (الزُّمَرْ:٤٤) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (يَمْلِكُوْنَ شَفَاعَةٌ)! وَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ عَنْ دُعَائِهِم: ﴿وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِيْنَ﴾ (الأَحْقَاف:٦) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (الدُّعَاءُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ)! وَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ﴾ (الأَنْفَال:٩) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (مَدَدٌ يَا رَسُوْلَ اللهِ)! وَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ (آل عِمْرَان:١٢٨) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (إنْ لَمْ تكنْ فِي مَعَادِي آخِذًا بِيَدِيْ فَضْلًا وإلاّ فَقُلْ يَا زلَّةَ القَدَمِ)! وَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ عَنْ نَبِيِّهِ: ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ﴾ (الأَعْرَاف:١٨٨) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (ومِنْ عُلومِكَ عِلْمُ اللوْحِ وَالقَلَمِ)! وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُوْلُ لِابْنِ عَبَّاسٍ ﵁: (إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (بِالوَلِيِّ؛ وَهُوَ تَوَسُّلٌ مُسْتَحَبٌّ)! وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُوْلُ لِابْنَتِهِ ﵍: (لَا أُغْنِيْ عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا) وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: (فَإِنَّ مِنْ جُوْدِكَ الدُّنْيَا وَضَرَّتُهَا - يَعْنِي الآخِرَةَ -)! قُلْتُ: وَخِتَامًا أَقُوْلُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَقُوْلُ الحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ (الأَحْزَاب:٤)، وَلَكِنْ كَمَا قَالَ تَعَالَى أَيْضًا: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ (النُّوْر:٤٠).

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَا سِرُّ اقْتِرَانِ كَثِيْرٍ مِنَ نُصُوْصِ القُرْآنِ الَّتِي فِيْهَا ذِكْرُ الشَّفَاعَةِ؛ أَوْ ذِكْرُ الآيَاتِ الَّتِي أَتَتْ بِهَا الرُّسُلُ؛ أَوْ ذِكْرُ النَّفْعِ وَالضُّرِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى وَمَشِيْئَتِهِ؟ (١) الجَوَابُ: إِنَّ هَذَا فِيْهِ إِرْشَادٌ مُهِمٌ إِلَى أَمْرَيْنِ: ١ - أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ لَا يَمْلِكُهَا مَنْ أُجْرِيَتْ عَلَى يَدَيْهِ اسْتِقْلَالًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُوْلٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (غَافِر:٧٩)، فَيَظْهَرُ بِهَذَا تَوْحِيْدُ الرُّبُوْبِيَّةِ. (٢) ٢ - بَيَانُ ضَرُوْرَةِ جَعْلِ الدُّعَاءِ وَالاسْتِغَاثَةِ وَسَائِرِ أَشْكَالِ التَّعَلُّقِ بِاللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ؛ دُوْنَ مَنْ أُجْرِيَتْ عَلَى يَدَيْهِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَأَبْطَلَهَا؛ فَيَظْهَرُ بِهَذَا تَوْحِيْدُ الأُلُوْهِيَّةِ؛ فَلَا يُدْعَى مَعَ اللهِ أَحَدٌ؛ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا وَلِيٌّ صَالِحٌ.

(١) وَتَأَمَّلْ هَذِهِ الآيَاتِ؛ تَجِدُ بُرْهَانَ ذَلِكَ: - ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (البَقَرَة:١٠٢). - ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (البَقَرَة:٢٤٩). - ﴿فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (آل عِمْرَان:٤٩). - ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (آل عِمْرَان:١٤٥). - ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ (الأَعْرَاف:١٨٨). - ﴿وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (الأَنْفَال:٦٦). - ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (الرَّعْد:٣٨)، (غَافِر:٧٩). - ﴿وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (إِبْرَاهِيْم:١١). - ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ (النَّجْم:٢٦). - ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (المُجَادِلَة:١٠). - ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (التَّغَابُن:١١). (٢) وَتَأَمَّلْ كَوْنَ (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) مِنْ كَنْزِ تَحْتِ العَرْشِ، كَمَا ثَبَتَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (٢١٤١٥). الصَّحِيْحَةُ (٢١٦٦).

1 / 100