Причины радости в удивительных рассказах арабов
أسباب الطرب في نوادر العرب
Жанры
شيء يكون الهم نصف خروفه
لا خير في إمساكه في الكم
فسلا همه وما به، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
راكب الأسد (2 : 75-88)
حدثني أبو جعفر أصبع بن أحمد بن شبح، وكان يحجب أبا محمد المهلبي - رحمة الله عليه - قبل وزارته، فلما ولي الوزارة كان يصرفه في الاستحثاث على العمال وفي الأعمال التي يتصرف فيها العمال الصغار، (قال ): كنت بشيراز مع أبي الحسن علي بن خلف بن طبات (؟) وهو يتولى عمالتها يومئذ، فجاء مستحثا من الوزير يطالبه بحمل الأموال، وكان أحد الغلمان الأكابر قد كوتب بإكرامه، فأحضره أول يوم طعامه وشرابه فامتنع من مؤاكلته، وذكر أن له عذرا. فقال: لا بد أن تأكل. فأكل بأطراف أصابعة، ولم يخرج يده من كمه، وكاد كمه يدخل في الغضائر، ويناله الغمر.
فلما كان من غد، قال علي بن خلف: ليدعه كل يوم واحد منكم. فكانوا يدعونه ويدعون بعضهم بعضا، فتكون صورته في الأكل واحدة، فنقول: لعل به برصا أو جذاما. إلى أن بلغت النوبة إلي، فدعوته ودعوت الحاشية، وجلسنا نأكل وهو يأكل معنا على هذه الصورة، فسألته إخراج يده والانبساط في الأكل، فامتنع من إخراج يده، فقلت له: يلحقك تنغيص بالأكل هكذا، فأخرجها على أي شيء كان بها، فإنا نرضى به. (قال): فإذا فيها وفي ذراعه ضربات بعضها فيه بقيه أدوية يابسة، وهي على أقبح ما يكون من المنظر، فأكل معنا غير محتشم، وقدم الشراب فشربنا، فلما أخذ منا الشراب سألته عن سبب تلك الضربات، فقال: هو أمر ظريف أخاف أن لا أصدق فيه، ولا يجمل بي الحديث به. فقلت: لا بد أن تتفضل.
قال: كنت عام أول بقريب من هذا الوقت قائما بحضرة الوزير، فسلم إلي كتابا إلى عامل دمشق ومنشورا، وأمرني بالتوجه إليه وإزهاقه بالمطالبة بحمل المال، ورسم أن أخرج على طريق السماوة لأتعجل، وكتب إلى عامل هيت بإنفاذي مع خفارة، فلما حصلت هيت استدعى العامل جماعة من أحياء العرب، وضمني إليهم، وأعطاهم مالا على ذلك، وأشهد عليهم بتسلمي، واحتاط في أمري. وكانت هناك قافلة تريد الخروج منذ مدة وتتوقى البرية، فأنسوا بي، وسألوني أن آخذ لنفسي مالا وللأعراب مالا وأوصلهم في الخفارة ويسيرون معي، ففعلت ذلك، فصرنا قافلة عظيمة، وكان معي من غلماني من يحمل السلاح، وهم يقربون من العشرين غلاما، وفي حمالي القافلة والتجار جماعة يحملون السلاح أيضا، فرحلنا عن هيت، ودخلنا في البرية ثلاثة أيام بلياليها .
فبينما نحن نسير، إذ لاحت لنا خيل، فقلنا للأعراب: ما هذه الخيل؟ فتسرع منهم قوم ثم عادوا كالمنهزمين، وقالوا: قوم من بني فلان بيننا وبينهم دم، ونحن طلبتهم ولا ثبات لنا معهم، ولا يمكننا خفارتكم منهم. وركضوا متفرقين، وبقينا نحن متحيرين، ولم نشك أنهم كانوا بعض أهلهم، وأن ذلك فعل على مواطأة، فجمعت القافلة وطفت بها أنا وغلماني ومن كان منهم يحمل السلاح متساندين كالدائرة، وقلت لمن كان معي: لو كان هؤلاء يأخذون أموالنا ويدعون جمالنا لننجو عليها كان هذا أسهل، ولكن الجمال والدواب أول ما تؤخذ، ونتلف في البرية ضعفا وعطشا فاعملوا على أن نقاتل، فإن هزمناهم سلمنا، وإن قتلنا كان أسهل. فقالوا: نفعل. وقدم القوم، فقتلنا لهم عدة خيل، وجرحنا منهم غير جريح، وما ظفروا منا بعود، فباتوا قريبا منا حنقين علينا، وتفرق الناس للأكل والصلاة، فاجتهدت بهم أن يجتمعوا ويبيتوا تحت السلاح، فخالفوني وكانوا قد أمنوا ونام بعضهم، فغشينا الخيل، فلم يكن عندنا ممانعة، فوضعوا فينا السيوف، وكنت أنا المطلوب خاصة؛ لما شاهدوه من تدبير القوم برأيي، وعلموه من أني رئيس القافلة، فقطعوني بالسيوف ولحقتني هذه الجراحات، وفي بدني أضعاف أضعافها. (قال): وكشف لنا عن أكثر جسده فإذا به أمر عظيم لم ير مثله في بشر قط. (قال): وكان في أجلي تأخير، فرميت نفسي بين القتلى لا أشك في تلفي.
قال: فلما كان بعد ساعة أفقت، فوجدت في نفسي قوة والعطش بي شديد، فلم أزل أتحايل حتى قمت أطلب من القافلة قدح ماء لأشرب منها، فلم أجد أحدا، ورأيت من القتلى والمجروحين الذين هم في آخر رمق، وسمعت من أنينهم ما أضعف نفسي وأيقنت بالتلف، وقلت: غاية ما أعيش إلى أن تطلع الشمس. فملت أطلب شجرة أو محلا؛ لأجعله ظلا لي من الشمس إذا طلعت، فإذا بي قد عثرت بشيء عظيم لا أدري ما هو من الظلمة، وإذا أنا منبطح عليه بطولي وطوله، فثار من تحتي، فحسست عليه، وكنت قدرته رجلا من الأعراب، فإذا هو أسد، فحين علمت ذلك طار عقلي، وقلت: إن استرخيت افترسني؛ فعانقت رقبته بيدي، ونمت على ظهره، وألقيت بطني بظهره، وجعلت رجلي تحت بطنه، وكانت دمائي تجري. فحين دخلني ذلك الفزع الشديد رقأ دمي وعلق شعر الأسد بأفواه الجروحات، فصار سدادا لها وعونا على أن أمسك نفسي فوقه، وورد على الأسد مني أظرف مما ورد علي منه؛ فأقبل يجري كما تجري الفرس على طريق واحد، وأنا أحس بروحي وأعضائي تتقصف من شدة جريه، فلم أشك في أنه يقصد أجمته فيلقيني إلى لبؤته فتفترسني، إلا أني ضبطت نفسي وأنا أؤمل الفرج وأدافع الموت، وكلما هم الأسد أن يربض ضربت بطنه برجلي فيطير، وأنا أعجب من نفسي ومطيتي وأدعو الله - عز وجل - وأرجوه.
وما زلت على ذلك إلى أن ضربني نسيم السحر فقويت نفسي، وأقبل الفجر يضيء، فتذكرت طلوع الشمس فجزعت، ودعوت الله - عز وجل - فما كان أسرع من أن سمعت صوتا ضعيفا لا أدري ما هو، ثم قوي فشبهته بناعورة. (قال): والأسد يجري، وقوي الصوت فلم أشك في أنه ناعورة، ثم صعد بي الأسد إلى تل، فرأيت منه بياض ماء الفرات وهو جار، وناعورة تدور، والأسد يمشي على شاطئ الفرات برفق إلى أن وجد شريعة، فنزل منها إلى الماء وأقبل يسبح ليعبر، فقلت في نفسي: ما قعودي؟ لئن لم أتخلص هنا ما تخلصت أبدا، فما زلت أرفق حتى خلصت شعره من أفواه جراحاتي، وسقطت وسبحت منحدرا، وأقبل الأسد يشق الماء عرضا.
Неизвестная страница