وقول القائل: «جسم» غير قوله: «للجسم» ، وقوله: «ماء» غير قوله «للماء» (ويجرى القول على هذا النحو فى أشياء كثيرة، لا فى الجميع، وفى طوائف من الأشياء 〈يستوى الأمر〉): قول القائل: «جزء اللحم» و «لجزء اللحم» شىء واحد، فالعقل يقضى على الآخر فى الجنس، وعلى الآخر فى حال القسمة، وذلك أن «جزء اللحم» لا يكون بغير هيولى بل يقضى على الأفطس: كشىء مثل شىء فى شىء. فبالحس يقضى على الحار والبارد، وبموضع النطق يقول ما جزء اللحم ويقضى على الغيرية: إما كشىء مفارق وإما كخط أعوج عند نفسه إذا مر هكذا قضاؤه على ما كان لجزء اللحم — 〈وكذلك فيما يتصل بالكائنات المجردة، المستقيم يماثل الأفطس، لأنه مرتبط بالمتصل. ولكن ماهيته شىء آخر، لو كانت ماهية المستقيم مختلفة عن المستقيم: ولنفرض أنه المثنى. وإذن فنحن ندركه بملكة أخرى، أو بالأحرى ندركه بحال أخرى 〈للملكة نفسها〉. وبالجملة فانه كما أن موضوعات 〈المعرفة〉 منفصلة عن مادتها فكذلك فى عمليات العقل〉.
وللسائل أن يسأل فيقول: إن كان العقل شيئا مبسوطا لا يحتمل ألما ولا تغيرا، ولا يشرك شيئا من الأشياء كما زعم أنكساغورس، فكيف يفعل شيئا، إذا كان إدراك الشىء بالعقل تألما؟ لأنه يكون يشرك الأمرين فيكون بحال فاعلا، وبحال مفعولا به. — وأيضا إن كان العقل معقولا، فلاشك أن العقل لسائر الأشياء، إلا أن يكون معقولا بجهة غير الجهة التى منها ندرك الأشياء، وما عقل بالصورة فهو واحد من المدركة بالعقل؛ وإما أن يكون له خلط وهو يعقله مخلوطا كسائر الأشياء. — وإنما قيل إنه يألم من قبل التجزئة، وإن العقل هو المعقول بحد القوة، وليس هو عقلا بالفعل قبل أن يدرك ما أدرك. ويجب أن يكون حال العقل مثل لوح ليس فيه كتابة بالفعل. — وهو أيضا معقول مثل سائر المعقولة واللاتى لا هيولى فيها العاقل والمعقول منها شىء واحد، لأن العلم بحاث مفكر. وما كان من هذه الجملة معلوما فحاله حال واحدة (ولكن انظر ما العلة لئلا يكون العقل أبدا مدركا!) وأزعم أن المعقول فى دون الهيولى إنما هو معقول بحد القوة فقط. ولذلك لم يكن للأشياء الهيولانية عقل، لأن العقل من جهة القوة ليس فى هيولى. وأما المعقول فانه للعقل، منسوب إليه.
[chapter 22: III 5] 〈العقل الفعال〉
Страница 74