وكما أن فى جميع الطبائع شيئين أحدهما هيولى كل جنس (و〈هذه〉 الهيولى هى جميع الأشياء فى حد القوة)، والآخر علة فاعلة — وحالهما كحال الصناعة عند الهيولى — كذلك نجد باضطرار أن هذه الفصول للنفس: فالعقل الموصوف بجهة كذا وكذا يمكنه أن يكون الجميع، والعقل الفعال للجميع كانت فى حده وغريزته مثل حال الضوء: فان الصورة تجعل الألوان التى فى حد القوة ألوانا بالفعل. وهذا العقل الفعال مفارق لجوهر الهيولى، وهو غير معروف ولا مفارق لشىء. والفاعل أبدا أشرف من المفعول به، والأرخيه أكرم من الهيولى؛ وكذلك حال العقل الفعال. فأما العقل الذى حاله حال قوة فانه فى الواحد أقدم بالزمان، وأما فى الجملة فلا زمان. ولست أقول إنه مرة يفعل، ومرة لا يفعل؛ بل هو بعد ما فارقة على حال ما كان، وبذلك صار روحانيا غير ميت. (والذى دعانا الآن 〈إلى أن〉 قلنا إن هذا العقل لا يستحيل ولا يألم أن التوهم هو العقل الآلم، وإنه يفسد) وليس يدرك العقل ولا يفهم شيئ بغير توهم.
[chapter 23: III 6] 〈أفعال العقل: تعقل المركبات، وتعقل البسائط〉
فالادراك لما لا تجزئة له لا يكون إلا بما لا كذب فيه. والتى فيها كذب وصدق ولها تركيب معان كأنها قائمة فى نفسه؛ مثل ما قال أنبادقلس: لو أن الود يؤلف بين الأشياء، مثل ما نرى من تركيب المفترقة، لكانت «رءوسا كثيرة بلا أعناق»: كقولك «ما لا قدر له» أو «قطر» أو «ذو تقدير وقطر». ومتى كان كونها فى الآن أو سيكون، وتوهمت الزمان وتركيبه لأن الكذب أبدا فى التركيب ومن قال: إن الأبيض ليس بأبيض، وما ليس بأبيض أبيض — فقد جعل تركيبا. وقد يمكن أن نقول إن الجميع قسمة. وليس الحق أو الباطل فى أن يقال إن فلانا أبيض الآن، فقد يجوز أن يكون كان أبيض أو سيكون. والعقل المميز هو الذى يفعل هذا فى كل واحد منهما.
Страница 75