وقيل لعلي بن الحسين -رضي الله عنهما-: إن الحسن يقول: ليس العجب لمن هلك كيف هلك؟ وإنما العجب لمن نجا كيف نجا؟ فقال علي: سبحان الله! هذا كلام صديق.
وروي عن الأعمش أنه كان يقول: ما زال الحسن يعتني بالحكمة حتى نطق بها.
وسمعه آخر وهو يعظ، فقال: لله دره، إنه لفصيح، ذو لفظ صحيح إذا وعظ.
وكان الحسن دائم الحزن، كثير البكاء، مطالبا نفسه بالحقائق، بعيدا من التصنع، لا يظهر التقشف، وإن كان باديا عليه، ولا يدع التجمل، ولا يمتنع من لبس جيد الثياب، ولا يتخلف عن مؤاكلة الناس، ولا يتأخر عن إجابة الداعي إلى الطعام، وكان له سمت يعرفه به من لم يكن رآه.
روي أن رجلا دخل البصرة، ولم يكن رأى الحسن، فسأل عنه الشعبي فقال: ادخل المسجد -عافاك الله- فإذا رأيت رجلا لم تر مثله قط رجلا، فذلك هو الحسن.
وقيل: ورد أعرابي البصرة، فقال: من سيد هذا المصر؟ فقالوا: الحسن بن أبي الحسن، قال: فيم ساد أهله؟ قالوا: استغنى عما في أيديهم من دنياهم، واحتاجوا إلى ما عنده من أمر دينهم، فقال الأعرابي: لله دره، هكذا فليكن السيد حقا.
وقيل: مر به راهبان، فقال أحدهما لصاحبه: مل بنا إلى هذا الذي يشبه سمته سمت المسيح؛ لننظر ما عنده. فلما قربا منه، سمعاه يقول:
Страница 24