معنى هذا الكلام أن عليا عليه السلام أصاب حين رجع إلى البيعة والوفاق، وأنه كان قبل ذلك شاذا عن المسلمين، وفي مذهب خارج عن سبيل المؤمنين، فجعل الراوي أبا بكر وأصحابه هم المسلمين، أما المخالفون لهم فكأنهم ليس لهم حظ في اسم الإسلام لقلتهم وقلة مكانتهم من الإسلام، وكأن عليا عليه السلام في هذه الرواية ليس إلا فردا من عوام المسلمين ينعقد الإجماع بدونه، ويسمى المخالفون له باسم يجعلهم المسلمين لعدم اعتبار ذلك الفرد منهم تصغيرا له وتنزيلا له منزلة المعدوم، فكأن المخالفين له هم كل المسلمين، وكأنه ليس جزءا من الجملة بحيث يكون هو ومن معه بعض المسلمين، وأبو بكر ومن معه البعض الآخر على أقل تقدير، وعلى التنزل لهذه الرواية، وإلا فظاهرها إخراج علي عليه السلام قبل البيعة من الإسلام حيس سمى الراوي خصوم علي عليه السلام هم المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فما أنكر الرواية هذه، وأبعدها عن الصواب!.
التهمة والغرض الباعث للراوي على هذه الرواية
هما كالتهمة فيما سبق من روايات الزهري وكالغرض الباعث له في الروايات السابقة، كما لا يخفى على الناقد البصير، وإلى الله المصير.
والزهري أولى بها من عروة؛ لأن عروة لو كان يرويها لتلاميذه على كثرتهم لرووها عن عروة، ولما اختص الزهري بها، ولأن الزهري أوردها في آخر حديث منع فاطمة عليها السلام ميراثها، وهو المعتني بهذه الرواية وجالب الروايات فيها، كما قدمنا، فهو أولى بالكل.
مع أن ذلك أوفق لحال الزهري لتقربه إلى بني أمية، وهذه الرواية وأمثالها مما يعجب ملوكهم وأمراءهم ويرفع درجة الزهري عندهم، فهو أولى بها؛ لأنه قد رواها ولم تثبت عن عروة، فلا يترك المتحقق لأجل المحتمل.
مخ ۳۳