وكان الرقيق الأبيض أغلى ثمنا وأكثر قابلية لتعلم الفن والموسيقى، وكلما مهرت في فنها بولغ في ثمنها، وكانت هناك أسواق في كل مدينة كبيرة للرقيق، سوق كبيرة فيها حجر يسكنها الرقيق المعرض للبيع، وهذا شأن الرقيق الشعبي، أما الرقيق الخاص الممتاز فيعرضه التجار على الأمراء والأغنياء، أو يعرضونه في بيوتهم الخاصة، كما كان أصنافا من نساء وفتيان ورجال.
وقد قام هذا الرقيق على اختلاف أنواعه بأعمال كثيرة، وتغلغل في الحياة الاجتماعية؛ فمنهم من كانوا جنودا وقوادا تستعين بهم الدولة في حروبها، حتى لقد بلغ بعضهم أرقى المناصب، مثل مؤنس في العراق، وجوهر الصقلي في المغرب ومصر، وكافور الإخشيدي بمصر، وسبكتكين في الأفغان.
ومنهن القيان في محال الغناء العامة، ومنهن أمهات الأولاد، وملك اليمين، يتغلغلن في بيوت الخلفاء والأمراء، والأغنياء والأواسط، ومنهن من يقمن في الخدمة في البيت، وقد يبلغن منزلة عالية.
ومن الرجال الأرقاء من يقوم بالأعمال الصناعية والتجارية لسادته، ومنهم طبقة الخصيان، وقد انتشرت في هذا العصر انتشارا كبيرا.
وقد كثر الخصاء في عهد الأمين، فقد قالوا: إنه بلغ من كلفه بالخصيان أنه «طلبهم وابتاعهم، وغالى بهم، وصيرهم لخلوته في ليله ونهاره، وقوام طعامه وشرابه، وأمره ونهيه».
43
وقد عقد الجاحظ فصلا ممتعا في كتابه «الحيوان» للخصاء وتأثيره في الجسم والصوت والشعر والأعصاب، وفي الذكاء، كما عرض لأصناف الخصيان من السند والحبشة والنوبة والسودان. ويقول: إن الروم أول من ابتدع الخصاء ... إلخ.
44
وكان الخصاء في البيض والسود، وقل أن كان المسلمون يقومون بالخصاء، ولكنهم يشترونهم بعد أن يخصوا، وقد ارتفعت أثمانهم لتعرضهم للموت من هذا العمل.
وكثر في عصرنا الذي نؤرخه استخدامهم في بيوت الخلفاء والأغنياء، حرصا على النساء، ومنهم من نبغ في القيادة الحربية، كمؤنس القائد، وفائق قائد السامانيين، وبلغ بعضهم منزلة عالية في الإشراف على القصور والحظوة عند الأمراء، كشكر غلام عضد الدولة.
ناپیژندل شوی مخ