381

موسى قد ترى معصية عبادك ، فأرهم آية في أنفسهم حتى يعلموا أنهم لا يستطيعون الفرار منك ، فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم.

( إن الله لذو فضل على الناس ) حيث يبصرهم ما يعتبرون به ويستبصرون ، كما بصركم باقتصاص خبرهم ، أو حيث أحيى أولئك ليعتبروا فيفوزوا ، ولو شاء لتركهم موتى إلى يوم القيامة ( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) لما ذكر من النعمة عليهم ، بما أراهم من الآية العظيمة في أنفسهم ، ليلتزموا سبيل الله ، ويتجنبوا طريق الردى.

وفائدة ذكر هذه القصة حث المسلمين على التوكل والاستسلام للقضاء ، وتشجيعهم على الجهاد والتعرض للشهادة.

فلما بين أن الفرار عن الموت غير مخلص ، وأن المقدر لا محالة واقع ، أمرهم بالقتال ، إذ لو جاء أجلهم ففي سبيل الله وإلا فالنصر والثواب.

وقال : ( وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع ) لما يقوله المتخلف والسابق ( عليم ) بما يضمرانه ، وعلمه محيط بكيفية الجزاء وكميته.

ثم رغبهم في الجهاد وبذل الأنفس والأموال فيه ، بقوله : ( من ذا الذي يقرض الله ) «من» استفهامية مرفوعة الموضع بالابتداء ، و «ذا» خبره ، و «الذي» صفة «ذا» أو بدله . وإقراض الله مثل لتقديم العمل الذي به يطلب ثوابه ( قرضا حسنا ) إقراضا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس ، أو مقرضا حلالا طيبا. وقيل : القرض الحسن المجاهدة والإنفاق في سبيل الله ( فيضاعفه له ) فيضاعف جزاءه. أخرجه على سبيل المغالبة للمبالغة ، كما مر في ( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم ) (1).

وقرأ عاصم بالنصب على جواب الاستفهام حملا على المعنى ، فإن ( من

مخ ۳۸۶