380

تعالى ، عقبه بأن من جملة آياته المعتبرة ما أخبر به بقوله : «ألم تر» ، تقريرا لمن سمع بهذه القصة لأهل الكتاب ، وتعجيبا من شأنها. ويجوز أن يخاطب به من لم ير ولم يسمع ، لأن هذا يجري مجرى المثل في معنى التعجيب.

( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ) يريد أهل داوردان (1) قرية قبل واسط ، وقع فيهم طاعون ، فخرجوا هاربين ، فأماتهم الله تعالى ، ثم أحياهم ليعتبروا ويعلموا أنه لا مفر من حكم الله ( وهم ألوف ) أي : ألوف كثيرة. قيل : عشرة آلاف. وقيل : ثلاثون. وقيل : سبعون. ومن بدع التفاسير معنى ألوف متألفون ، جمع آلف أو إلف ، كقاعد وقعود ، والواو للحال ( حذر الموت ) مفعول له ( فقال لهم الله موتوا ) أي : قال لهم الله : موتوا فماتوا ، كقوله : ( كن فيكون ) (2). والمعنى : أنهم ماتوا ميتة رجل واحد من غير علة بأمر الله ومشيئته. وقيل : ناداهم به ملك ، وإنما أسند إلى الله تعالى تخويفا وتهويلا ( ثم أحياهم ).

قيل : مر حزقيل بعد زمان طويل وقد عريت عظامهم وتفرقت أوصالهم ، فلوى شدقه (3) وأصابعه تعجبا مما رأى ، فأوحي إليه : ناد فيهم أن قوموا بإذن الله ، فنادى ، فنظر إليهم قياما يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لا إلا إلا أنت.

وقيل : هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد ، فخرجوا ثم جبنوا وكرهوا الموت ، فاعتلوا وقالوا : إن الأرض التي نأتيها بها الوباء فلا نأتيها حتى ينقطع منها الوباء ، فأرسل الله عليهم الموت ، فلما رأوا أن الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم فرارا من الموت ، فلما رأى الملك ذلك قال : اللهم رب يعقوب وإله

مخ ۳۸۵