فهل أشركت امرأة عثمان؟ فكيف لم يغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للشرك؟ وكيف لم يقل لها أشركت ارجعي إلى الإسلام؟ إنما غضب لقطعها بالجنة لعثمان وهي لا تدري، كما تفيده هذه الرواية.
وأخرج الحاكم في المستدرك (ج3 ص59): عن أنس أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا أبتاه من ربه ما أدناه يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي.
فهل أشركت فاطمة البتول سيدة النساء وخامسة أهل الكساء لقولها يا أبتاه، وقد توفاه الله؟.
إن الأمر واضح، فما كل نداء شركا، ولكن غلاة التوحيد يحبون رمي الناس بالشرك وما مقبل إلا فرع من فروعهم.
وقد روى الحاكم في المستدرك (ج4 ص297): عن قتيلة بنت صيفي امرأة من جهينة قالت: إن حبرا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « قولوا ما شاء الله ثم شئت وقولوا ورب الكعبة». هذا حديث صحيح الإسناد واقره الذهبي.
فإذا كان الحديث صحيحا فينبغي مخالفة اليهود وأن لا نقتدي بهم في رمي المسلمين بالشرك، وأن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تعليم الناس الأدب في القول وتجنب الكلمات الموهمة التي يتعلق بها العدو لرمي المسلمين بالشرك. وهذه الخصلة أعني رمي المسلمين بالشرك لو لم يكن فيها إلا عار المشابهة لهذا الخبر والموافقة له لكفى صارفا عنها لمن يأنف من التشبه باليهود.
هذا وقد حققت مسألة الدعاء في كتاب «الإجادة» أحد الكتب المجموعة في «الإيجاز في الرد على فتاوي الحجاز» وذلك في المقصد الأول من كتاب الإجادة (ص91) فراجعه فالكتاب مطبوع منشور والحمد لله.
مخ ۴