وقد عقدت فصلا في التبرك في كتاب شرح الصدور، أحد الكتب المسماة «الإيجاز في الرد على فتاوي الحجاز» (4) ومحل هذا الفصل (ص141) فليراجعه من أراد التحقيق في المسألة ففيه كفاية.
----------
الفصل الثاني: في نداء الميت
اعلم أنا نتكلم في المسألة لتحقيقها، فأما النداء للأنبياء والأولياء (عليهم السلام) فإنك إذا دخلت أضرحتهم المشرفة وحضرت الزائرين لا تسمع أحدا يدعوه ولا يستغيث بهم، فقد بهتهم بهذا مقبل، المقلد في هذا الشأن، المنقاد لداعي العصبية والشنآن المخالف لقول الله تعالى: ((ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)). وقد كان ينبغي له وهو يعلم الحقيقة ويعرف براءة أهل القبلة من شرك الدعاء أن يبرئهم منه، ويبلغ الأبعدين الذين لا يعلمون الحقيقة عنهم، دون أن يقلدهم فيما يعلم بطلانه.
أخرج أحمد بن حنبل في المسند (ج6 ص 436): عن أم العلاء الأنصارية قالت أم العلاء: فاشتكى عثمان بن مظعون عندنا، فمرضناه حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: رحمة الله عليك يا أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وما يدريك...» الحديث.
فهل أشركت أم العلاء حين قالت: يا أبا السائب، تعني عثمان بن مظعون وهو ميت؟
وأخرج أحمد في المسند (ج1 ص335) عن ابن عباس قال: لما مات عثمان بن مظعون قالت امرأته: هنيئا لك يا بن مظعون بالجنة، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظرة غضب فقال: «ما يدريك؟ فو الله إني لرسول الله وما أدري ما يفعل بي...»الحديث.
مخ ۳