هل تخمشن إبلي عليَّ وجوهها ... لم تعصبن رؤوسها بسلابِ؟
قوله بسل، أي حرام، كقول زهير:
بلاد بها نادمتهم وألفتهم ... فإنَ تقويا منهم فانهم بسلُ
وقوله تخلجني، أي تجذبني، والخلج الجذب، ومنه خليج الماء لا تجاذبه إلى ناحية؛ والساغب الجائع؛ والأبة: الحياء.
وقال الآخر:
تود عدوي ثم تزعم أنني ... صديقك إنَّ الرأي منك لعازبُ
وليس أخي من ودني رأي عينه ... وكان أخي من ودني وهو غائبُ
وقال الآخر:
إذا ما علوا قالوا أبونا وأمنا ... وليس لهم عالين أمٍ ولا أبُ
أي إذا غلبوا انتسبوا وتحببوا وتقربوا، وإن كانوا هم الغالبين تعثلموا وتبرؤوا وتبرموا وهذا فعل اللئيم.
ذكر أبو علي البغدادي عن أبي الكلبي عن أبيه قال: كان مرثد الخير بن ينكف قيلًا من أقيال اليمن وكان حدبًا على عشيرته محبًا لصالحها. وكان سبيع بن الحارث وميثم بن مثوب بن ذي رعين تنازعا الشرف حتى تشاحنا، وخيف أن يقع بين حييهما شرٌ فيتفانيا. فبعث إليهما مرثد فأحضرهما ليصلح بينهما فقال لهما: إنَّ التخفط وامتطاء الهجاج، واستحقاب اللجاج، سيقفكما على هوةٍ في توردها بوار الأصيلة، وانقطاع الوسيلة. فتلاقيا أمركما قبل انتكاث العقد، وانحلال العهد، وتشتت الألفة، وتباين السهمة! وأنتما في فسحة رافهة، وقدم واطدة والمودة مثرية والبقيا معرضة. فقد عرفتم أنباء من كان قبلكم من العرب ممن عصى النصيح، وخالف الرشيد وأصغى إلى التقاطع. ورأيتم ما آلت إليه عواقب سوء سعيهم وكيف كان صيور أمرهم قبلا، فتلافوا القرحة قبل تفاقم الثاني واستفحال الداء وإعواز الدواء! فانه إذا سفكت الدماء،