وهؤلاء الأدباء المشهورون «الشيوخ» ما لزومهم في هذه الدنيا؟ ما لزوم تجاربهم الماضية ودراساتهم الطويلة، وجهودهم المضنية وحياتهم التي يعيشون فيها أبدا بين الأذى والإنكار والكنود؟
هل لهم لزوم في نفع أنفسهم ونفع قرائهم، ونفع الأدب بالاطلاع على المفيد المضمون؟
كلا ... ليس لهذا كله لزوم! وإنما هم لازمون لشيء واحد، وهو شهرة من يريد الشهرة العاجلة ... على شريطة أن يشتهر وحده، ولا يشتهر واحد من أنداده في السن والقدرة!
وهل لهؤلاء الأدباء الشيوخ حق؟ هل لهم فضل يجب الاعتراف به على أحد؟
معاذ الله ... من أين لإنسان غضب الله عليه، فنشأ في الدنيا أديبا شرقيا أن يطمع في حق أو في اعتراف؟
إنما عليه أن يقرأه القارئ الناشئ عشر سنين وعشرين سنة، ولا يقول له مرة واحدة: أحسنت واستحققت مني الكرامة والثناء، ولكنه هو عليه أن يقف على باب كل مطبعة؛ ليتلقف منها كل كتاب ألفه كل شاب في العشرين، فلا ينام ليلته قبل أن ينفخ كل بوق ليقول كل ما يحلو للمؤلف من ثناء وتنويه، فإن لم يفعل فيا للاحتكار، ويا للأنانية، ويا للغدر والكفران بالحقوق!
تعس الشرق إن كانت هذه روح الجد في شباب يتولى قيادته الفكرية بعد جيل، ومن رحمة الله بالشرق ألا تسري هذه الروح في غير القليل من المتواكلين.
وتجربتي أنا في هذا الميدان قد يعرفها المتعقب لتاريخ الكتابة الحديثة بغير بحث طويل.
فما لجأت قط إلى أديب مشهور لأتكئ إلى شهرته وأستفيد من ثنائه، وما استبحت قط في كتاب من كتبي التي أطبعها أن أذيع كلمات التقريظ التي يخصني بها الكبراء، ومنهم زعيم مصر «سعد زغلول».
هذه تجربتي مع من تقدموني وسبقوني إلى ميدان الكتابة والشهرة، أما الذين لحقوا بي فإذا استثنيت أفرادا جد قليلين من صحبي - وإن شئت فقل: تلاميذي - فلا حق لي عندهم، ولهم عندي جميع الحقوق.
ناپیژندل شوی مخ