وعاد الرسولان بدرك النجح الموقوت، ولا السعدان يقترنان في الحوت، وعندها تكلف الأمير فلك المعالي- حرمة للقربى، ونحلة بين يدي النجوى- مالا تبين «8» من رآه على اختلاف أصنافه، وأغراب نقوشه وأفوافه أن له همة إلى قمة الجوزاء مرفوعة، ونية على صدق الولاء مطبوعة. ولم يبق أحد من أركان الدولة وحواشيها، والراتعين حول مراعيها، لم «9» يضرب بسهم من سهام اللطف، ولم يشترك في البر المعقود بالشرف، لا جرم [202 أ] إن السلطان رعى حرمة قرباه، وجزاه عما سمحت به يمناه، وأفرد كلا من «1» قواد جيوشه وأفراد رجاله بخلع علمت أجانب الملوك كيف شريطة الجود، والسماحة بالموجود، وتقصي «2» المجد بعفو الرأي دون المجهود، فأما ما صحب درة الصدف، وياقوتة الشرف، فمال طال عهد الدهر بمثله مجموعا في مكان، محمولا من خراسان. ولا غرو فالشمس تغني «3» البدر نورا، والبحر يدع الخليج مسجورا.
وقد كان الأمير فلك المعالي بعد أن استتب له أمره، واشتد بمظاهرة السلطان ظهره، دمر «4» على أعيان عسكره المشتركين في دم أبيه، فصدع ذات بينهم بوجوه الحيل وأنواع العلل، حتى أباد خضراءهم، وسقى ظماء الأرض دماءهم.
وأحس خركاش «5» - وهو القريب العاق، والنسيب المشاق- بالداهية الدهياء، فانسل تائها بين سمع الأرض وبصرها، تأباه الرعان والأباطح، وتلفظه القيعان والصحاصح، فمهما مس جانب القرار، طلبته هامة الماضي بالثأر؛ فهام على وجهه ولا فقيد ثقيف «6»، بين تشريق وتغريب، وتصعيد وتصويب.
مخ ۳۷۱