وأمر الوزير أبو العباس الفضل بن أحمد بالاحتياط على الطرق بين غزنة وحدود الباميان «6» وبنچهير «7»، وسدها بحماة الرجال على حصانة مداخلها، وصعوبة مراكبها، وطير البريد «8» إلى السلطان بما انبث في أطراف البلاد، من حيات العداة، وعقارب الغواة، فأعجلته بديهة البلاغ عن استتمامه، وأزعجته غلبة الحمية عن مقامه، فركب ركوب العاصف أكتاف الجهام البارق، يطوي الأرض طي المهارق، بين إيضاع وإيجاف «9»، واهتداء واعتساف، وبين سهول وظراب «1»، وسهوب و«2» شعاب، حتى ألقى عصا القرار بغزنة، وأقام العطاء لأبناء دولته، وأنشاء جملته. وملأ أيديهم بالعطايا والرغائب، وأزاح عللهم في المطايا والركائب، واستنفر الأتراك الخلجية أحلاس الظهور، وأبناء الصوارم الذكور، فنفر منهم:
جن على جن وإن كانوا [156 أ] بشر «3» ... كأنما خيطوا عليها بالإبر
وجاش نحو بلخ، وبها جعفرتكين، فأسرع الكر إلى ترمذ «4» إشفاقا من ضغمة الضيغم الخادر، واحتراسا من وثبة الأرقم الثائر. واستقر السلطان ببلخ، موفور الأنس والجذل، كما تجتلى صفحة الشمس من برج الحمل، وأمر بإتباع سباشي تكين [بأرسلان الجاذب، في زهاء عشرة آلاف من أبناء الكفاح، ومتحة «5» الأرواح بأشطان «6» الرماح.
مخ ۲۸۷