278

وسارع [سباشي تكين] «7» نحو الوادي للعبور، فلم ترعه إلا العاديات ضوابح، والموريات قوادح «8»، فكر على أدراجه حائرا عائرا «9»، وعطف إلى مرو على أن ينسرح منها إلى الشط «1» على سمت المفازة، فإذا الآبار مردومة، والمناهل مطمومة «2»، ووديقة «3» الصيف مسعورة، وأذيال السوافي على المعالم مجرورة، فانثنى إلى سرخس وبها الحسن «4» بن طاق رئيس الأتراك الغزية، فأحدق به إحداقا سد عليه باب الهرب، وضيق دونه وجه المجال والمضطرب، فمانعه ما قدر. ثم ظفر به سباشي تكين فقده بنصفين، بعد أن قتل منهم مقتلة عظيمة من الجانبين، وأعجله ارتداف «5» أرسلان الجاذب إياه عن فضل المقام، وروح الاستجمام، فارتحل إلى أبيورد، ومنها إلى نسا، وبينهما مرحلة واحدة، كلما صدر هذا، ورد ذاك، ومتى [156 ب] ظعن ذاك «6»، أناخ هذا، يتقاسمان أمداد الطلب والهرب جماما، ولا يردان المياه إلا لماما. وقد كان سباشي تكين قد حصل صدرا من المال والأسلحة من نواحي هراة وغيرها، فصارت عقلة له دون الخفوف «7» في وجه النجاة، فهو يتيامن مرة ويتياسر أخرى، منكوسا على رأسه خوف العار من إسلام ما بردت به يداه «8»، وأعياه الخلاص بحشاشة النفس آخريا إلا بإفرازه، وتفريغ الخاطر عن الشغل به.

مخ ۲۸۸