============================================================
هاربا من مساخطه، خاشعا مشفقا وجلا من عقابه وعذابه، وعمل في وعده بقلب موقن بثواب الله، راغب خلص، مجد منكمش وعمل في ضمان الله بكفالة الأرزاق، بقلب موقن بوفائه، متوكل واثق معتمد (1)، وعمل فيما ينزل من المكارة بالصبر والرضى، والمعرفة بحسن النظر من الله سبحانه، والإختيار له.
وعمل في تواتر النعماء عليه بقلب عالم بعظيم النعم، عارف بتقصيره في الشكر، لا يحقر شيئا يتحبب به إلى مولاه، ولا يستكثر شييا يعمل به لربه عز وجل: وعمل في محاب الله بالزهد في الدنيا والإيثار على نفسه، مسرورا(2) بالمصائب، فرحا بالمكارة، متيقظا من الغفلة، كلامه ذكر، وصحته فكر، ونظره عبر، عالمأ بما يحب ويكره، عالما بما يفضل الخمول للذكر، وإخفاء العمل، علم بفقر العباد إلى معرفة حدود الدين، فيبدي لهم حاجتهم إليه بمبلغ الحاجة، وجلا من كتمان علمه عن أهله، مشفقا على إرشادهم إذا إسترشدوه، صابرا محتسبأ، ونبه إليه العباد. فإنه بلغنا- والله أعلم - أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام: " إن صلح على يديك عبد من عبيدي، كتبتك عندي جهيدا(2)، ومن كتبته جهيدا، فلا وحشة عليه ولا فاقة، يا داود لا ترد عبدا أبقي مني إلي، (فذلك ) (4) احب إلي من أن تلقاتي بعبادة سبعين صديقا" فرغب الموقن في ارشاد العباد إلى ربهم، وعمل بالمراقبة لله في خاصة نفسه، ونفح لله في خلقه، وقام بامر الله في عباده يعمل بعلم نافع، وررع (1) في مسألة التوكل، راجع : "التنوير، لابن عطاء الله السكندري : (2) في الأصل: مسرور. خطا.
(3) لا نملم صيغة مبالغة من غير الثلاثي ولعلها مبالغة من جهد .
(4) أي : عدم رد العبد الأبق الهارب من ربه، وعدم زجره والقيام على إرشاده.
مخ ۲۱۳