============================================================
صادق، صبر فيهم على الأذي وكظم لهم، ورد عنهم الغضب، ولقيهم بالتي هي أحسن، هاشا لهم، طلقا سهلا متكرما، جوادا قريبا، متواضعا لطيفا بهم في معاشرتهم، رفيقا بهم في التأديب لهم، وناظرا (1) فيما اشتبه عليهم، وقيل ما ورد (2) عليه من الحق، ولأن لهم في المذاكرة، وحدد لهم ذكر أيادي الكريم وقديم إحسانه، وتواتر النعم على قلة الشكر من العباد، وذكرهم حلم الإله، وتانيه بهم على تعرضهم لمساخطه وحذرهم من مساخط الله ونعمائه (3)، وندبهم إلى التحبب إلى الله عز وجل بمحابة، فلم يزل في تحبيب الله إلى خلقه، وتحبيب العباد إلى خالقهم، ففي الله أحبهم، وفي الله أبغضهم ومن آجله سخط عليهم، فعمل برضوان الله في عباده، ولم يعد أمر الله عز وجل في نفسه خاصة، وفي كل أحواله فهو العارف بربه عز وجل، المتأسي بنبيه محمد، وهو موضع الإقتداء به، وهو المسدد في أمره، والموفق فيما أسر وأعلن من فعله وقوله، وقد جاء الأثر بنعته بلغنا أن بعض القارئين تلى هذه الآية : { ومن أخسن قولا ثمن دعا إلى الله وعيل صالحا وقال إنني من المسلمين }(4) . قال : " هذا حبيب الله ، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في الدنيا في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله في دعوته، وصل صالحأ في اجابته، وقال إنني من المسلمين، إن هذا خليفة الله" اخواني : هذا نعت المرسلين والخلفاء المهديين فهذا الوصف لا يليق بنا ولا يشبه أمثالنا، فلا تجهلوا أمركم، وتذاكروا الذي تعلمون من أسواء أنفسكم، وانتبهرا من الغفلة التي دهتكم، فإن أخذ الإله عليكم، فإنكم بالرجم أولى من الإقتداء بكم .
(1) جاءت الأحوال في الفقرة كلها مرفوعة ما عدا كلمة (هاشا) في الأصل .
(2) في الأصل : أورد. تصحيف.
(3) التحذير من النعم يراد به: التحذير من سطوتها واستعتالها في مساخط الرب، والغرور بها والكبر على الغير من أجلها .
4) سورة: فصلت، آية : 33
مخ ۲۱۴