============================================================
الوحيد في سلوك أهل التوحيد تعالى والتحيز له؟1 والله تعالى يقول: (ولقذ آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} [الأنبياء:51].
وإنما الحب متى غلب أحرق من القلب كل شيء سوى المحبوب، فلا ترى إلا الحبوب.
كما قيل: إذا شئت أن ترضي وأرضى وتملكي زمامي ما عشنا معا وقياديا ألا فانظري الدنيا بعينى واشمعي بأذني فيها وانطقي بلسانيا فهذا شهود من الله تعالى في الأشياء، وحيث غلب الحب واستولى على القلب استيلاء كليا محى منه كل شيء سوى محبوبه، فلا يشهد إلا الحبوب فيه، يجد ذلك أرباب الوجدان في هذا الشأن ولذلك يجدون فيما يجده الجنون في المخلوقين، كما جرى لقيس بن الملوح وجميل بثينة وغيرهما من المحبين استدلالا، وإن لم يكن ثم مناسبة لأرباب المواحيد وأهل محبة الله تعالى؛ إذ طحبة الله تعالى محققة لعبده، والمحبة من العبد محققة لربه لقوله تعالئ يحبهم ويحبونه} [المائدة:54].
والشهود مختلف، وقد ورد في الحديث: بدعرضت علي الجنة والنار في عرض هذا الحائط(1)).
وإن كان الحائط بالنسبة إلى الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض في صغر الحجم وقلة الطول والعرض كالخردلة بالنسبة إلى الأرض الفلاة، وإنما يفهم من ذلك ضرب الأمثال.
ولماكان مخلوقا كالأمثال فافهم الإشارة ولا تقف مع العبارة، وأوضح من ذلك أنك تشهد في المرآة الصقيلة صورة نفسك وثيابك بحيث لا يخفى عليك من نفسك المقابلة للمرآة، فلو قدرت أنك قابلت المرآة بألوان كثيرة ومواضع مختلفة لرأيتها في مرآتك، بل لو قدرت مرآة مقابلة للسموات والأرض لأبصرت في المرآة ذلك كله، (1) رواه البخاري (200/1).
مخ ۴۹