============================================================
الوحيد في سلوك أهل التوحيد فمرآة القلوب المصقولة بأنوار الإيمان كيف تحجب عنها الجنة في عرض الحائط بمن كان يرى بنور الله تعالى؟ بل من رأى وسمع بالله لا يحجب عنه شيء من ذلك.
فافهم ما تحت ذلك من رؤية الملائكة والأنبياء في المنام، ورؤية البارى عل في الدار الآخرة، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وقد تضيق الألفاظ عن بعض أنوار الكشوف؛ إذ تنظر في اللمحة الواحدة من الفرش إلى العرش وما هو وراء ذلك، وما لا تصل إليه الأفهام والعلوم، وكذلك مثال في النائم الذي تأخذه الستنة يرى الأرض بأسرها ويرى البلاد البعيدة التي وصل سمعه إليها كجبل قاف وغيره، ويجوز آن يرى الأنبياء عليهم السلام ويرى الله تعالى في السنة.
وذلك آنه لما ركدت حواسه الشاغلة عن ذلك، وارتفع القلم عنه بالنوم الذي يرفع عنه ما يجب عليه سرت الروح التي لا يحجبها الجدران ولا يبعد عليها البلدان، ولا يستوي في حقه البعد والقرب، فإن البعد والقرب صفات الأجسام، والمساحة في التقدير من أوصاف المحسوسات، فلا يصل إلى بغداد وغيرها من البلاد أو جبل قاف أو ما ذكرت من سعة الأرض إلا في السنين الكثيرة، وقد يفنى عمره وهو لا يصل إلى ذلك، فكيف بالوجدان الحقيقي والنظر بالنور الإلهي؟ بل كيف من أبصر بالله وسمع بالله كما ورد"فبي يرى ويسمع(1لم.
الخا والخلة من المقامات العلية من المحبة، وقد يكون ذلك تعليما، وقد يكون توبيخا واستهزاء وإقامة لحجة الله تعالى على من يعتقد أن النجم والشمس والقمر ربه، وكذلك الأصنام والححارة، بل قال: (بل فعله كبيرهم هذأ} [الأنبياء: 63] .
وقد يكون الاستفهام مع التوبيخ "دأهذا ربي؟ إذ تقول لمن تستصغره عن رتبة نفسك: أهذا مثلي؟ ومثل ذلك، وقد قيل ما لا يصلح للمقابلة والمماثلة..
(1) رواه الحكيم في نوادر الأصول (382/1)، وأصله في البخاري (كنت سمعه وبصره).
مخ ۵۰