============================================================
0 الوحيد في سلوك أهل التوحيد حاله لا يقتضي ذلك- فقال له: أنت على حال وأنا على حال غيره، ولا أقدر على صحبتك فقال: لا بد من ذلك، اجعلني إبريقا لا يتكلم ولا حكم له.
قال: فتوجهنا، حتى إذا كان وقت العشاء الآخرة بظاهر دمامين، فبينما الفقير يتوضا وإذا إنسان مسكه وحلف بالطلاق من زوحته لا بد أن يسير معه إلى منزله، فسار حتى أتوا منزل الرجل، فأخرج مائدة وعليها مأكول من خبز وغيره، فجعل ذلك الفقير الذي سأله الصحبة يلحظه ملاحظة المنكر عليه، فإنه يعرف أنه لا يأكل الأشياء مخصوصا، ويعلم منه الوقوف مع الشرع، فهو يرى أنه لو أكل حل عقده وإن لم يأكل آذى صاحب الطعام، فبينما الرجل يعدل المائدة وقبل أن يقول الصلاة وإذا فقير قد دخل وعلى رأسه لوح خبز وقال: والله يا سيدي، لقد جهدت اليوم على الحلال حتى صح لي أخرت نفسي حصادا في ساقية فلان وذكر رجلا مشهورا بالخير- قال: وأخذت أجرتي وطحنتها لنفسي بيدي وعجنت وحملت العحين على رأسي إلى الفرن ولم أستعمل فيه غيري، وها أنا خارج، وأنا أسأل الله تعالى أن أجدك لتأكل من كسب يدي ووضع رغيفا بين يديه فأكل.
فلما أصبح وسافر هو وذلك الفقير اعترضهما رجل بدوي ومسكه وقال والله ما أفارقك، أنا رأيت البارحة مناما، ثم سار به وبرفيقه إلى البرية، فإذا بيتا شعر فيهما امرأتان، فخرجت إحداهما ودخلت عند الأخرى، ودخلنا البيت الذيي خرجت منه، فإذا بقرة مربوطة في غرارة قمح بين البيتين، وقعد البدوى يحدثنا حديث الطريق إلى الله تعالى فأسكرنا حديثه، وقال: أنا من بني عامر..
فبينما هو يحدثنا إذ فرغ ما عملوه، فأحضروا قصعة فيها كالمقطعة التي تعمل من الدقيق واللبن وعليها السمن، فأكلنا واكتفينا.
قال: وفض الفقير قائما فقال له الذي صحبه وكان اسمه إبراهيم: يا سيدي، إلى أين؟ فلم يكلمه، فقال له: هذا مكان خلوة ورجل صالح وزاد حلال، فإلى أين تمضي؟
فلم يكلمه وسار، فاحتاج تبعه. وذلك فيه عذر للفقير؛ لأن الإقامة في مكان فيه معلوم يفسد عليه حالة توكله.
وكان إبراهيم حين خرج مع الفقير حمل مما أكلاه شيئا في جرابه، فقال له الفقير:
مخ ۳۹