============================================================
156 الوحيد في سلوك أهل التوحيد وحكايات الشيخ أبي العباس كثيرة لو استقصيتها لما وسعتها الكتب، فإنا في مدة احتماعنا به ما كتا نتوهم موته عن قرب، ولا تصدينا لضبط كلامه، وهذا الذي ذكرته وأنا واحد، فكيف بكل من جرى معه حديث؟ وأخبار وحكايات مدة عمره: وكان طبعه رحمه الله تعالى- المروءة والفتوة والكرم والصدقة في السر، أخبرني شخص عن شخص أنه حدثه أن الشيخ أبا العباس أودع عنده حصيرتين مملوهتين قمگا فجاء الغلاء، ولم يكن عندنا شيء فجاءنا الشيخ، وقال: يا مبارك اقترض القمح إلى الحصاد فاقترضناه فكان قوتنا إلى أوان الحصاد ورددناه، فليا جاء الشتاء جاء الغلاء ولم يكن عندنا شيء فجاءنا الشيخ، وقال: يا مبارك اقترض القمح إلى الحصاد فاقترضناه فكان هذا دأبه.
وأخبرني آخر بدوي أن الغلاء جاء، ولم يكن عندنا شيء فجاء الشيخ أبو العباس ومعه تعجة، فقال لي: ترعى هذه النعجة، فقلت: نعم، فكان يعطيني أربع ويبات قمحا في الشهر، حتى فرغ الغلاءء فانظر، رحمك الله، إلى هذا التلطف في الصدقة، النعجة كلها تساوي نصف ويبة قمح في ذلك الغلاء وإنما عمل ذلك صورة، وكذلك في قمح الحصيرتين، هذا مع أتني لم أعرف للشيخ، رحمه الله تعالى-، درهما ولا دينارا ولا قمحا ولا مكانا ويقول لي: أن له كتت علم، ومن كراماته أنني كنت أنا وإياه وشخص من أصحابه من العوام في بيت صغير، وكان الليل وكان الشيخ يحث السمك وكان معه سمك، فأخذه الشيخ ورماه في البرمة ولا رأيته عمل فيه شيئا، ولا أعلم هل صب عليه ماء أم لا فلا أعلم أثا أكلنا أطيب منه، وكان الشيخ أبو العباس- رحمه الله حسن العشرة طيب المحاضرة والمفاكهة مبسوطا غير مقبوض، كثير الوداد لأصحابه، كثير النصيحة، كنا إذا كنا بمكان وقمنا منه نقول هذه الدنياء وكان كثيرا ما ينشد:
مخ ۱۴۵