270

ومن المعلوم عدم تماميته إلا على تقدير ثبوت المفهوم كما هو واضح ، واجيب بأن الدلالة لقيام القرينة ، هذا.

ثم في هذه الكلمة المباركة إشكال وهو أن خبر «لا» إما يقدر «موجود» وإما «ممكن» فعلى الأول يلزم نفي الوجود عن غيره تعالى وإثباته له ، وأما عدم إمكان وجود الغير ووجوب وجوده فمسكوت عنه ، ومن المعلوم عدم تمامية الإسلام بدون ذلك ، وعلى الثاني يلزم نفي الإمكان عن الغير وإثباته له تعالى وهذا أعم من إثبات الوجود له تعالى وعدمه ، والإسلام لا يتحقق إلا مع إثبات الوجود.

ويمكن الجواب بأن الخبر المقدر «موجود» إلا أنه مختلف معناه بحسب الموارد ، ففي المحسوسات والقضايا التي يكون مدرك الجزم فيها هو الحس كما في قولك : ليس في الدار إلا زيد ، ليس المفاد إلا مجرد اثبات الوجود لما بعد «إلا» ونفيه عما قبله من غير تعرض للإمكان والامتناع ، وهذا بخلاف القضايا العقلية التي يحصل الجزم فيها بالبراهين العقلية كما في الكلمة المباركة ، فإن إثبات الوجود فيها لما بعد الأداة ونفيه عما قبلها لا يمكن حصول الجزم به إلا بمعونة البرهان على وجوب وجود الصانع وامتناع وجود الشريك له ، والحاصل أن هذه الكلمة قد جعلت أمارة شرعية على الجزم القلبي بمضمونها ، والجزم بمضمونها متوقف على برهان امتناع التعدد ؛ إذ لو لم يقم عنده هذا البرهان والمفروض أن المقام ليس من قبيل المحسوسات فمن أين يجزم بعد وجود إله آخر غيره تعالى؟.

والحاصل أن هنا مقامان :

الأول كون هذه الكلمة كاشفة عن الجزم القلبي وهو أمر تعبدي لا بد أن نقول به على كل تقدير ،

والثاني أنها إذا كشفت عن الجزم والاعتقاد بمضمونها فليس الاعتقاد بمضمونها إلا حاصلا إما من البرهان العقلي القائم لدى صاحبه تفصيلا ، وإما من التصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وهذا أيضا من أفراده ، ولا شك أنه حينئذ جزم بامتناع الشريك إجمالا ؛ فإن امتناعه مما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله ، فإذا

مخ ۲۷۳