181

القول الثاني : أنه مأمور به مع جريان حكم المعصية عليه كما اختاره صاحب الفصول قدسسره .

القول الثالث : أنه مأمور به بدون ذلك.

والحق أن يقال : إن بنينا على كون الخروج مقدمة لترك الغصب الزائد فالأقوى هو القول الثاني ، سواء قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي أم لم نقل به ، وإن لم نقل بمقدمية الخروج بل قلنا بصرف الملازمة بين ترك الغصب الزائد والخروج كما هو الحق وقد مر برهانه في مبحث الضد فالأقوى أنه ليس مأمورا به ولا منهيا عنه فعلا ولكن يجري عليه حكم المعصية.

لنا على الأول أن قبل الدخول ليس للخروج عنوان المقدمية ؛ ضرورة إمكان ترك الغصب بأنحائه ولا يتوقف ترك شيء منه على الخروج ، فيتعلق النهي بجميع مراتب الغصب من الدخول في الأرض المغصوبة والبقاء والخروج ؛ لكونه قادرا على جميعها ، ولكنه بعد الدخول فيها يضطر إلى ارتكاب الغصب مقدار الخروج فيسقط النهي عنه بهذا المقدار ؛ لكونه غير قادر فعلا على تركه والتكليف الفعلي قبيح بالنسبة إليه وهذا واضح ،

ولكنه يعاقب عليه لكونه وقع هذا الغصب بسوء اختياره ، ولما يتوقف عليه بعد الدخول ترك الغصب الزائد كما هو المفروض وهذا الترك واجب بالفرض لكونه قادرا عليه ، فيتعلق به الوجوب بحكم العقل الحاكم بالملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته ، فالخروج من الدار المغصوبة منهي عنه قبل الدخول ولذا يعاقب عليه ، ومأمور به بعد الدخول لكونه بعده مقدمة للواجب المنجز الفعلي.

فإن قلت : ما ذكرت إنما يناسب القول بكفاية تعدد الجهة في الأمر والنهي ، وأما على القول بعدمها فلا يصح ؛ لأن هذا الموجود الشخصي أعني : الحركة الخروجية مبغوض فعلا وإن سقط عنها النهي لمكان الاضطرار ، وكما أن الأمر والنهي لا يجتمعان في محل واحد كذلك الحب والبغض الفعليان ؛ ضرورة كونهما متضادين كالأمر والنهي.

مخ ۱۸۴