العقل بعد ملاحظة الوجودات الشخصية التي يحويها طبيعة واحدة يجد حقيقة واحدة في تمام تلك الوجودات.
واقوى ما يدل على ذلك الوجدان ؛ فإنا نرى من أنفسنا تعلق الحب بشرب الماء مثلا من دون مدخلية الخصوصيات الخارجية في ذلك ، ولو لم يكن تلك الحقيقة في الخارج لما أمكن تعلق الحب بها ، والذي يدل على تحقق صرف الوجود في الخارج ملاحظة وحدة الأثر من أفراد الطبيعة الواحدة ، ولو لم يكن ذلك الأثر الواحد من المؤثر الواحد لزم تأثر الواحد من المتعدد وهذا محال عقلا.
فإن قلت : ما ذكرت إنما يتم في الماهيات المتأصلة التي لها حظ من الوجود في الخارج كالإنسان ونحوه ، وأما ما كان من العناوين المنتزعة من الوجودات الخارجية كالصلاة والغصب فلا يصح فيه ذلك ؛ لأن هذه العناوين ليس لها وجود في الخارج حتى يجرد من الخصوصيات ويجعل موردا للتكاليف ، بل اللازم في أمثالها هو القول بأن مورد التكاليف الوجود الخارجي الذي يكون منشأ لانتزاع تلك المفاهيم ولا ريب في وحدة الوجود الخارجي الذي يكون منشئا للانتزاع.
وبعبارة اخرى : تعدد العناوين مفهوما لا يجدي لعدم الحقيقة لها إلا في العقل ، وما يكون موردا للزجر والبعث ليس إلا الوجود الخارجي الذي ينتزع منه هذه العناوين ولا شبهة في وحدته.
قلت : بعد ما حققنا تحقق صرف الوجود في الخارج لا مجال لهذه الشبهة ؛ لأن العناوين المنتزعة لا ينتزع إلا من صرف الوجود من دون ملاحظة الخصوصيات ، مثلا مفهوم «ضارب» منتزع من ملاحظة حقيقة وجود الإنسان واتصافه بحقيقة وجود المبدا من دون دخل لخصوصيات أفراد الإنسان أو كيفيات الضرب في ذلك.
إذا عرفت هذا فنقول : مفهوم الغصب ينتزع من حقيقة التصرف في ملك الغير من دون مدخلية خصوصيات التصرف من كونه من الأفعال الصلاتية أو غيرها في ذلك ، ومفهوم الصلاة ينتزع من الحركات والأقوال الخاصة مع ملاحظة اتصافها ببعض الشرائط من دون مدخلية خصوصية وقوعها في محل خاص ، وقد عرفت مما
مخ ۱۸۲