177

هي في ذهن الآمر فلا يتمكن المكلف من الامتثال ، وإن قيدت بما هي في ذهن المأمور لزم حصول الامتثال بتصورها في الذهن ولا يجب إيجادها في الخارج ، وهو معلوم البطلان.

قلت : نظير هذا الإشكال يجري في عروض الكلية للماهيات ؛ لأن بعد ما فرضنا أن الماهية الخارجية لا تقبل أن تتصف بالكلية ولا هي من حيث هى ؛ لأنها ليست إلا هي ، فينحصر معروض الكلية في الماهية الموجودة في الذهن ، فيتوجه الإشكال بأنه كيف يمكن أن يتصف بالكلية مع أنها جزئية من الجزئيات ولا يكاد أن ينطبق على الأفراد الخارجية ضرورة اعتبار الاتحاد في الحمل ولا اتحاد بين الماهية المقيدة بالوجود الذهني وبين الأفراد الخارجية.

وحل هذا الإشكال في كلا المقامين أن بعد ما فرضنا أن الماهية من حيث هي مع قطع النظر عن اعتبار الوجود ليست إلا هي ولا تتصف بالكلية والجزئية ولا بشيء من الأشياء ، فلا بد من القول بأن اتصافها بوصف من الأوصاف يتوقف على الوجود ، وذلك الوجود قد يكون وجودا خارجيا كما في اتصاف الماء والنار بالحرارة والبرودة ، وقد يكون وجودا ذهنيا ، لكن لا من حيث ملاحظة كونه كذلك بل من حيث كونه حاكيا عن الخارج ، مثلا ماهية الإنسان يلاحظ في الذهن ويعتبر لها وجود مجرد عن الخصوصيات حاك عن الخارج فيحكم عليها بالكلية ، فمورد الكلية في نفس الأمر ليس إلا الماهية المأخوذة في الذهن ، لكن لا بملاحظة كونها كذلك بل باعتبار حكايتها عن الخارج.

فنقول : موضوع الكلية وموضوع التكاليف المتعلقة بالطبائع واحد بمعنى أن الطبيعة بالاعتبار الذي صارت موردا لعروض وصف الكلية يكون موضوعا للتكاليف من دون تفاوت أصلا.

فإن قلت : سلمنا ذلك كله لكن مقتضى كون الوجود حاكيا عن الخارج بلحاظ المعتبر أن يحكم باتحاده مع الوجودات الخارجية ، فاللازم من تعلق إرادته بهذا الوجود السعي تعلقها أيضا بالوجودات ، لمكان الاتحاد الذي يحكم به اللاحظ.

مخ ۱۸۰