176

لزوم اجتماع المتضادين من الحكمين والحب والبغض والمصلحة والمفسدة في شيء واحد ، وليس كما زعمه.

وتوضيحه يحتاج إلى مقدمة وهي أن الأعراض على ثلاثة أقسام :

منها : ما يكون عروضه واتصاف المحل به في الخارج كالحرارة العارضة للنار والبرودة العارضة للماء وأمثالهما من الأعراض القائمة بالمحال في الخارج.

ومنها : ما يكون عروضه في الذهن واتصاف المحل به في الخارج كالابوة والبنوة والفوقية والتحتية وأمثالها.

ومنها : ما يكون عروضه في الذهن واتصاف المحل به فيه أيضا كالكلية العارضة للإنسان ، حيث إن الإنسان لا يصير متصفا بالكلية في الخارج قطعا ، فالعروض في الذهن؛ لأن الكلية إنما تنتزع من الماهية المتصورة في الذهن ، واتصاف تلك الماهية بها أيضا فيه ؛ لأنها لا تقبل الكلية في الخارج.

فنقول حينئذ : لا إشكال في أن عروض الطلب سواء كان أمرا أم نهيا لمتعلقه ليس من قبيل الأول ، وإلا لزم أن لا يتعلق إلا بعد وجود متعلقه ، كما أن الحرارة والبرودة لا يتحققان إلا بعد تحقق النار والماء ، فيلزم البعث على الفعل الحاصل والزجر عنه وهو غير معقول ، ولا من قبيل الثاني ؛ لأن متعلق الطلب إذا وجد في الخارج مسقط للطلب ومعدم له ، ولا يعقل أن يتصف في الخارج بما هو يعدم بسببه ، فانحصر الأمر في الثالث ، فيكون عروض الأمر والنهي لمتعلقاتهما كعروض الكلية للماهيات.

إذا عرفت ذلك فنقول : إن طبيعة الصلاة والغصب وإن كانتا موجودتين بوجود واحد وهو الحركة الشخصية المتحققة في الدار المغصوبة ، إلا أنه ليس متعلق الأمر والنهي الطبائع الموجودة في الخارج ، لما عرفت من لزوم تحصيل الحاصل ، بل هي بوجوداتها الذهنية ، ولا شك أن طبيعة الصلاة في الذهن غير طبيعة الغصب كذلك ، فلا يلزم من وجود الأمر والنهي حينئذ اجتماعهما في محل واحد.

فإن قلت : لا معنى لتعلق الطلب بالطبائع الموجودة في الذهن ؛ لأنها إن قيدت بما

مخ ۱۷۹