167

الثالث تؤثر إذا علم بتحققه في الزمن الآتي.

وإن شئت قلت : هذه الإرادة المعلقة على وجود شيء إذا انضم إليها العلم بتحقق ذلك الشيء يقتضي إيجاد كل من الفعل ومقدماته في محله ، فمحل الإكرام في الفرض الأول بعد تحقق المجيء ، ومحل مقدماته قبله ، ومحل الفعل في المثال الثاني مقارن للشرط ، ومحل مقدماته قبله ، كما في الوقوف في العرفات مقارنا للزوال ، ومحل الفعل في المثال الثالث قبل تحقق الشرط.

والحاصل أنه لا نعني بالواجب المشروط إلا الإرادة المتعلقة بالشيء مبتنية على تحقق أمر في الخارج ، وهذه الإرادة لا يعقل أن تؤثر في نفس الفاعل إلا بعد الفراغ من حصول ذلك الأمر. وبعبارة اخرى : هذه الإرادة من قبيل جزء العلة لوجود متعلقها ؛ وإذا انضم إليها العلم بتحقق ذلك الشيء تؤثر في كل من الفعل ومقدماته في محله كما عرفت ، فالإرادة المبتنية على أمر مقدر سواء علم بتحقق ذلك الأمر أم لم يعلم بل ولو علم عدمه موجودة ولكن تأثيرها في الفاعل يتوقف على العلم بتحقق ذلك الأمر.

المقدمة الثانية : أن الإرادة المبتنية على تقدير أمر في الخارج لا يعقل أن تقتضي إيجاد متعلقها على الإطلاق ، أي سواء تحقق ذلك المقدر أم لا ، وإلا خرجت عن كونها مشروطة بوجود شيء ، فمتى ترك الفعل بترك الأمر المقدر لا يوجب مخالفة لمقتضي الإرادة ، نعم المخالفة إنما تتحقق فيما إذا ترك مع وجود ذلك المقدر ، وهذه المقدمة في الوضوح بمثابة لا تحتاج إلى البرهان.

المقدمة الثالثة : أن الإرادة المتعلقة بشيء من الأشياء لا يمنع وجودها كون المأمور بحيث يترك في الواقع أو يفعل ؛ إذ لا مدخلية لهذين الكونين في قدرة المكلف ، فالإرادة مع كل من هذين الكونين موجودة ، ولكن لا يمكن أن يلاحظ الآمر كلا من تقديري الفعل والترك في المأمور به لا إطلاقا ولا تقييدا.

أما الثاني فواضح ؛ لأن إرادة الفعل على تقدير الترك طلب المحال ، وإرادة الفعل على تقدير الفعل طلب الحاصل ، وأما الأول فلأن ملاحظة الإطلاق فرع إمكان

مخ ۱۷۰