[50_2]
بالنزهة، فزل واصفها عن الطريقة، واعتمد بنا على غير الحقيقة فأتيناها فلم نر صيدا ولا عشبا، ولا نزهة ولا حسنا، فجعلك نسلك منها حزونا ووعورا، وجدوبا وقفرا، حتى فصر بنا اليأس عن الطلب، وقطع بنا عن الطمع النصب. فبينا نحن كذلك، إذ بدا لنا جأب قد أوفى بنا على حائل دل على غابة من ورائها حمير وحش كثيرة، فأممناها فلما تطرفنا مشيا وتقريبا إلى عاناته. توالى نهيقه وكثر شهيقه، فالتفتن إليه، فرمقن بأعينهن منا ما استكثرن شخصه، واستهولن أمره، حتى إذا كنا بمرأى ومسمع انجذبن موليات وهربن مسئات، فأجهدنا الركض في طلبهن، نتبع آثارهن، ونستشف بلاء بين أحفار ودكادك وأخاديد حتى أشفى بنا الطلب لها على واد هائل سائل، بجنبتيه غابة أشبة، قد سبقن إليها، واستخفين فيها، فنظمناها بالخيل نظم الخرز، ثم أوغلت عدة فرسان في نفضها ومعرفة أحوالها، والطبول خافقة والأصوات شاهقة، فكان وكان، والحمد لله على كل حال اه.
وهذه رسالة وقفتنا على مبلغ عنايتهم بالصيد، ووصفت لنا ما لاقاه الصائدون، وصفا رائعا مستوفيا كأننا كنا معهم؛ وصف عدتهم التي أعدوها، والأرض التي وطئوها، والشدة التي لقوها من سماء أمطرتهم وابلا ورذاذا، وكيف استخدموا الجوارح في صيودهم، وما احتالوا من الحيل وحصروا من الوكد حتى تمت لهم أمنيتهم، فصادوا ما شاء الله أن يصيدوا، وعادوا مملوءة عبابهم وجعابهم بأنواع الصيد.
ومن رسالة له في الفتنة: ففي طاعة الأئمة في الإسلام، ومنا صحتهم على أمورهم والتسليم لما أمروا به، فهم كل نعمة فاضلة، وكرامة باقية، وعافية مجللة، وسلامة ظاهرة وباطنة، وقوة بإذن الله مانعة، وفي الخلاف لهم والمعصية عليهم، ذهاب كل نعمة، وتفرق كل مرامة، ومحق كل قنية، وهلاك كل سلامة وألفة،
مخ ۵۰