[51_2]
وموت كل عز وقوة، والدعاء بكل بلية، ومقارفة كل ضلالة، واتباع كل جهالة، وإحياء كل بدعة، وإماتة كل سنة، وإجلاب كل ضرر على الأمة، وإبار كل منفعة، والعمل بكل جور وباطل، وفناء كل حق، وبمعصية خليفة الله لا يزال رجل من المسلمين يضرب بسيفه الذي بيديه سيف أخيه الذي كان يعتمد عليه، ويوهن عضده، ويهدم حصنه، وفل عدده، ويهلك ثروته، ويعطب من يدعوه، ويفزع إليه، ويكثر بمكانه، ويحرسه من غفلته عن الاعتداء إذا غفل، ويكون عبئا له من خلفه، فلا يزال بالمعصية منهم والاختلاف دم يهراق بغير حقه، وطفل من أبناء المسلمين قد يتم من أبيه، ومذلة قد دخلت عليه، ونعمة قد زالت عنه، ووحشة قد أحدثت ضغائن في القلوب قد نشبت، وشحناء قد ظهرت، وأوتار قد بقيت، وعداوة في الأنفس قد استقرت، وخوف قد ظهر، وسبل قد قطعت، وامرأة قد أرملت، وصبية قد يتمت، وبلاد عامرة قد خربت، وعدد قد نقص، وبلايا قد عمت وشملت، وعدو قد شمت، ومنافق قد رفع إلى ما كان يؤمل رأسه، وعدو من المشركين قد طمع وقوي بعد ضعف، وعز بعد مذلة، ورعية قد صاحت، وناعية قد ولولت، وحميم قد قتل حميمه، ومودة قد صارت عداوة، واجتماع من الأهواء قد عاد إلى فرقة، وأحام قد تقطعت.
فانظروا يا معشر المسلمين ماذا تفعل الفتنة والمعصية، وكيف يدب الشيطان لها، ويسعى فيها، ويحتال بخديعته ومكره، ولطف مسالكه حتى يلهبها ويشعلها، ويرفعها من قلتها إلى الكثرة، ومن صغرها إلى كبرها، فإنه إنما يبدو الظفر على الولاة ؟ ثم يترامى إلى الشكاة والسخطة والغظب، وزين لهم القتال فبلغ الهلاك الأعظم، والشر الأكبر، بطرق أمر صغير الخطر في الظاهر، عظيم البلية في الباطن، فلا يزال الرجل ينظر منهم إلى قاتل أبيه وأخيه وحميمه وذوي قرابته وأهل مودته والنافع كان، ثم تحمل العداوة في قلبه، والضغينة العظيمة عليه،
مخ ۵۱