[49_2]
المسير إلى غابة دونها مألف الصيد، الوحش، ونهاية الطلب، قد جاوزناها ونحن على سبيل الطلب، وبكل حرة جونة متفرقون، فوجع بنا العود على البدء، وقد الضبابة وامتد النظر، فإذا نحن برعلة من ظباء وخلقة آرام يرتعن آنسات، قد أحالتهن الضبابة عن شخصنا، وأذهلهن أنيق الرياض عن استماع حسنا، فلم نعج إلا والضواري لائحة لهن من بعد الغاية، ومنتهى نظر الشاخص، ثم مدت الجوارح أجنحتها، واجتذبت الضواري مقاودها، فأمرت بإرسالها على الثقة بمحضرها، وسرعة الجوارح في طلبها، فمرت تحف حفيف الريح عند هبوبها، تسف الأرض سفا، كاشفة عن آثارها، طالبة لخيارها، حارشة بأظفارها، قد مزقتها تمزيق الريح الجراد، فمن صائح بها وناعر، وهاتف بها وناعق ، يدعو الكلب باسمه، ويفديه بأبيه وأمه، وراكض تحت مفره وخافق يطلبه الرمح، وطامح يمنعه، وسانح قد عارضه بارح، قد حيرتنا الكثرة، وألهجتنا القدرة، حتى امتلأت أيدينا من صنوف الصيد، والله المنعم الوهاب.
ثم ملنا، يا أمير المؤمنين، بهداية دليل قد أحكمته التجارب، وخبر أعلام المذانب إلى غدير أفيح، وروضة خضرة، مستأجمة بتلاوين الشجر، ملتفة بصنوف الخمر مملوءة من أنواع الطير، لم يذعرهن صائد، ولا اقنصهن قانص، فخفق لها بالطبول، وصفر بنفير الحتف، فثار منها ما ملأ الأفق كثرتها، وراعت الجوارح خفقات أجنحتها، ثم انبرت البزاة لها صائدة، والصقور كاسرة، والشواهين ضاربة، يرفعن الطالب لها، ويخفضن الظفر بها، حتى سئمنا من الذبح، وامتلأنا من النضح، كأنا كتيبة ظفرت ببغيتها، وسرية نصرت على عدوها، وألحقت ضعيفها بقويها، وغلبت محسنها بمسيئها، لانملك أنفسنا مرحا، ولا نستفيق من الجذل بها فرحا، بقية يوممنا، والله المنعم الوهاب.
ثم غدونا، يا أمير المؤمنين، إلى أرض وصف لنا صيدها بالكثرة، ورياضها
مخ ۴۹