ورابعها: إن البر والخير إنما هو في الإنفاق، لا في الأخذ ولو من وجوه الحل وطيب الأرزاق، وأكل ما حرم عليه تاركا للإنفاق الذي دعا الله إليه المقل والمكثر، والموسع والمقتر، وذم التساخر ممن أعطي اليسير وسخر منه، وأوعده العذاب الكثير، وقد ضم إلى ذلك أن أخذ من غير وجه الحل الواضح بل من الحرام المخزي الفاضح، واستلذ به المأكل والمشرب والمناكح، وكأنهم لم[19/أ] يعلموا ما مضى عليه السلف الصالح، من صبرهم على ما يحل وإن جاعوا، وعضهم النواجذ على دين الله ولو أنهم هلكوا حتى مضى على آل محمد الأيام والليالي، ولم توقد في بيوتهم النار، ورقعوا ثيابهم مرة بعد أخرى، ولم يخشوا من العار .
مخ ۱۷۱