تفسير التبيان ج1
ياايها المانح(1) دلوي دونكا
اني رأيت الناس يحمدونكا
والمراد دونك دلوي فكيف يكون الاسم هو المسمى وقد يعرف الاسم من لايعرف المسمى والاسم يكون مدركا وان لم يدرك المسمى والاسم يكتب في مواضع كثيرة والمسمى لا يكون إلا في موضوع واحد ولو كان الاسم هو المسمى لكان اذا قال القائل " نار " احترق لسانه واذا قال " عسل " وجد الحلاوة في فمه، وذلك تجاهل، ومن قال: " إن ذلك تسمية وليس ذلك باسم " قوله باطل، لان القائل لو قال: اكلت اسم العسل، لكان جاهلا.
وقال يقوم: إن (اسم) ليس بصلة، والمراد ابتدئ بتسمية الله، فوضع الاسم موضع المصدر ويكون موضع (بسم) نصبا.
قالوا لان العرب تجري المصادر المبهمة على اسماء مختلفة، كقولهم: اكرمت فلانا كرامة، واهنت فلانا هوانا، وكلمته كلاما وكان يجب ان يكون: اكرمته إكراما واهنته اهانة وكلمته تكليما ومنه قول الشاعر:
أكفرا بعد رد الموت عني
وبعد عطائك المئة الرتاعا(2)
وقال آخر:
فان كان هذا البخل منك سجية
لقد كنت في طول رجائك اشعبا(3)
أراد في اطالتي رجاك فيكون على هذا تقدير الكلام: أقرأ مبتدئا بتسمية الله، وابتدئ قراءتي بسم الله. فجعل الاسم مكان التسمية، وهذا أولى، لان المأموران يفتتح العباد امورهم بتسمية الله، لا بالخبر عن عظمته وصفاته، كما امروا بالتسمية على الذبائح والصيد، والاكل، والشرب.
وكذلك امروا بالتسمية عند افتتاح تلاوة تنزيل الله تعالى، ولا خلاف أن القائل لو قال عند الذباحة: بالله ولم يقل: باسم الله لكان مخالفا للمأمور.
اللغة: والاسم مشتق من السمو وهو الرفعة والاصل فيه سمو بالواو، وجمعه اسماء
---
(1) اسم فاعل من متح. متح الماء كمنع نزعه.
(2) صفة الابل.
(3) اسم رجل يضرب المثل بشدة حرصه وطمعه.
مخ ۲۵