181

د د نوي شعر انقلاب له بودلیر نه تر اوسني عصر پورې (لومړۍ برخه): زده کړه

ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة

ژانرونه

28

ليرى كيف عبر الشاعر عن فكرة - تأثر فيها بمعلمه مالارميه - وهي فكرة انقطاع الصلة بين الإنسان والعالم. فهناك فتاة تجلس في المساء أمام نافذة، مستغرقة في النوم والأحلام. عبثا تحاول زهرة من الحديقة المجاورة أن تحيي الناعسة الجميلة، وتنجح اللغة فيما أخفقت الزهرة فيه، فتجمع بينهما في وجود غير واقعي، تنسج خيوطه من كلمات مشتقة من الخيط والنسيج، تخرج منها كما تخرج الأرواح من الرقى والتعاويذ السحرية.

على أن شعر فاليري أعمق وأبعد غورا من أن نفسره من ناحية اللغة وحدها. إن له أيضا أسلوبه الداخلي الذي يخضع لقانون خاص به. ولا يتمثل هذا في الموضوعات التي يتناولها بقدر ما يتمثل في الأفعال العقلية التي نتسمعها من خلال الصور والرموز الغنية، فنتبين أنها أفعال «الوعي الفني» الذي طالما شغل تفكيره. وقد تحدث مرة عن «الكوميديا العقلية»

29

التي تكون لب القصيدة أو المركز الذي تدور حوله. وأوضح الأمثلة على ذلك قصيدته «إلى شجرة الدلب».

30

ولسنا في حاجة إلى القول بأن الشاعر لا ينظر إلى الشجرة كما نجدها في الطبيعة، بل هي عنده «ظاهرة» تدل على حركة (ديناميكية) خالصة مشدودة بين نداء يهبط عليها من أعلى، وقيود تشدها إلى أسفل. إن الشجرة تسمع نداء «الرياح » التي تريد أن تتحقق لغتها فيها، ولكنها تحس كذلك بالضرورة التي تعجزها عن اللغة أو تجعل اللغة ممتنعة عليها، كل هذا على نحو يذكرنا بتجارب مالارميه الفنية، ومن خلال التوتر المستمر الذي لاحظناه لديه. فالتوتر يظل هنا أيضا بغير حل، والنشاز واضح في عوامل الصراع المجرد في القصيدة. ولكنه واضح كذلك في التوتر القائم بين المضمون المقيد والغناء المنطلق.

ومما يلفت النظر في شعر فاليري أن الموضوعات التي يعالجها والحلول التي يقدمها ليست واحدة، وهذا دليل على اهتمامه بالصراع الدرامي أو بما يسميه بالكوميديا العقلية قبل أي شيء آخر. إن الأحداث العقلية نفسها تتغير وتتبدل؛ فهي تعبر مرة عن اليقظة من ظلام الحلم إلى نور الوعي، كما تعبر مرة أخرى عن الهبوط من جديد في غياهب الحلم، وهذا يؤدي بنا إلى القول بأن فاليري - على الرغم من قربه الشديد من مالارميه - ينوع كثيرا من موضوعاته، بينما يحرص معلمه على الالتزام الشديد بعدد قليل من الموضوعات، ومع ذلك فإن اختلاف الموضوعات والحلول لا يمنع أن هناك شيئا واحدا تتفق فيه القصائد العديدة، وهو تحول «الفعل العقلي» إلى غناء شعري، تتحد فيه النزعة العقلية مع النزعة الحسية، ويأتلف فيه وضوح الفكرة وغموض السر. ونمثل لهذا بقصيدتين إحداهما هي «أغنية الأعمدة»

31

وهي نشيد يتغنى فيه الشاعر بالخطوط الخالصة التي يراها في الكتل المعمارية، بل هي نشيد صامت للعيون التي تدرك الوجود المستقر في الحجر، المنتظم في النسب والأعداد، وكأن العقل نفسه هو الذي يقوم بعزف هذا النشيد. وأما الأخرى فهي القصيدة الشهيرة «المقبرة البحرية»

ناپیژندل شوی مخ