177

د اسلام انقلاب او انبياوو قهرمان: ابوالقاسم محمد بن عبدالله

ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله

ژانرونه

قلنا كان يخضب لحيته بالحناء أيضا فتبدو شقراء جميلة، وكان يحب التطيب بالعطر ليجمع بين إعجاب النظر والشم لدى من يراه أو يدنو منه. وكل كتب الحديث والسنة تدل على سلامة ذوقه ورقة خلقه ونعومة فطرته البشرية، فكان يبغض الروائح الخبيثة ويستعيذ منها، وقد جعل الاستعاذة منها عند الضرورة الملجئة لشمها، سنة بنص خاص وصيغة بعينها تقال وتتلى. وهذا في نفسه يدل على شدة بغضه لكل ما هو قبيح وخبيث، وذلك لامتلاء تلك النفس الشريفة الطاهرة بكل ما هو جميل وعطر حسن وطيب، وقد امتد بغضه للروائح الخبيثة إلى ذم بعض النبات كالبصل والكراث؛ للأثر السيئ الذي يتركه أكلها في الفم، وكان يكره أن يرى رجلا أشعث أغبر منكوت الشعر، زري المظهر قذر الثياب، وكان يبغض أن يرى إنسانا ذا أسنان صفراء من أثر الإهمال، فجعل السواك والتخلل سنة واجبة الأداء، وما السواك والخلال إلا الأداتين الواقيتين من أمراض الأسنان التي أثبت العلم الحديث أنها من أقوى الأسباب لتدهور صحة الإنسان في المدنية الحديثة. وكتب السنة كالبخاري ومسلم ومسند أحمد بن حنبل حافلة بنصائح العناية بالفم والأسنان.

3

وكان النبي

صلى الله عليه وسلم

لا يتقيد في ثيابه بنوع خاص؛ فلبس الجبة والطيلسان والقباء كما لبس المخطط اليمني والمزركش الشامي وتلفع بالصوف والتحف بالكتان واستعمل اللثام وغطى رأسه بالعمامة وغيرها وكانت عمامته على ألوان، وتذكر كتب السير والحديث أنه يوم دخل مكة فاتحا كان يلبس عمامة سوداء من لون رايته التي كانت تخفق في ذلك اليوم الرهيب. وتراه لم يتقيد بشكل من اللباس ليعلن للملأ من أمته أنه لا يقيدها بهيئة خاصة، كما أنه وهو رسول الله

صلى الله عليه وسلم

إليها وإلى الإنسانية ونبيها وبطلها وزعميها الوطني ورئيسها القومي وقدوتها في السياسة والاجتماع لم يتخذ ثوبا خاصا ولم يجعل لأتباعه من الصحابة أو غيرهم ثيابا خاصة كما اتخذ زعماء الأديان ورؤساء المعتقدات لأنفسهم ثيابا رسمية يميزون بها أنفسهم من عامة الشعب.

وكان لا يأنف أن يستعمل كل ما يصلح للحياة من أدوات الأمم الأخرى، سواء أكانت مجاورة أم مباعدة؛ فهو يرى دين الإسلام صالحا لكل قوم من الأقوام، ولذا يرى تطبيقا لهذه القاعدة العالمية أن كل ما تنتجه الأمم ثمرة للمدنيات السابقة أو المعاصرة مما قد يستفيد منه الإنسان صالح للاستعمال؛ فهو يحب التوفيق بين أذواق الناس في كل ما كان نافعا أو جميلا، ويحب إزالة الفوارق وهدم العقبات التي تعوق الأمم عن الاختلاط المفيد للحضارة وللحياة الإنسانية في أجمل مظاهرها وبأفسح معانيها، ولذا كان يلبس الثياب المختلفة الأشكال والألوان الآتية إليه من شتى الجهات بغير قيد ولا شرط، وقد غطى رأسه حينا بقلنسوة وحينا بغطاء يشبه القبعة يقيه من وهج الشمس وحرارتها.

ولو كان في زمانه السعيد اختراعات حديثة وكماليات نافعة كالتلغراف والتليفون والمنطاد والسيارة، كان - عليه الصلاة والسلام - أول من يبادر إلى استعمالها والانتفاع بها، ولو كانت الطباعة أو الإذاعة شائعتين لكان اتخذهما وسيلة في نشر رسالته؛ لأن معقوليته تدل على المرونة وسهولة الانطباع على النماذج الحديثة النافعة واستساغة كل ما يثبت للعقل الراجح نفعه وامتناع ضرره؛ فلم يكن محمد

صلى الله عليه وسلم

ناپیژندل شوی مخ