د اسلام انقلاب او انبياوو قهرمان: ابوالقاسم محمد بن عبدالله
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
ژانرونه
صلى الله عليه وسلم ، ولكن أين الكتاب الذي يشفي غلتي دون أن يصدم منطق الفتوة الثائرة، ويناقض معقولية اليافع المتطلع؟! فهداني أستاذي إلى سيرة ابن هشام والسيرة الحلبية ... ورق نباتي، هوامش وحواش، قطع كبير، ملازم ملصوقة لا تلبث أن تتناولها بيدك حتى تتفكك، غلاف أحمر، لون بعيد عن جلال الموضوع، دليل على غلظة في ذوق الناشر والمجلد، ولكن شوقي إلى لب الكتاب تغلب على حاسة الجمال التي تحتم على أن يكون الكتاب على صورة أخرى غير هذه الصورة السوقية، ولا أقول الحوشية، بعد أن تعودنا أن نقرأ الكتب الأجنبية الأنيقة في حجمها وطبعها وورقها وتجليدها!
6
ولكن ألم أقرأ كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه وفصولا من مقدمة ابن خلدون «لأتقوى في الكتابة» كما قال الأستاذ، إذن فلأحاول قراءة «السيرة»؛ لأنها أصبحت علما على تاريخ محمد
صلى الله عليه وسلم ؛ فلا سيرة إلا سيرته، وقد بدأت فعلا، بقلب متلهف وعقل يتفتح ويزدهر، ولكن وا أسفى! لقد غرقت في بحر من النثر المسجوع والشعر المصنوع لمقتضى الحال، والاستطراد الذي لا يعرف أوله من آخره، والذي يشتت شمل الذهن، ويقطع سلاسل التفكير، وينقل العقل من وديان الاسترسال والتتبع للحقائق إلى جبال الأخيلة والأوهام، ومن ميادين الحقائق المعقولة إلى مضايق الأساطير المخالفة لكل معقول ومنقول، والتي مزجت بالحقائق مزجا يضيع معالم الحقائق ويجعلها أثرا بعد عين، ويخلط الحابل بالنابل والتاريخ بالخرافة. والعجيب في الأمر أن هؤلاء المؤلفين يحيطون تلك الأساطير بجو من التقديس؛ بحيث يخيل إليك أنها من الاحترام بمكان لا يتطاول إليه النقد، ولا يطمع إلى تناوله الفحص والتمحيص؛
7
وهكذا شيئا فشيئا وصفحة فصفحة بل جملة فجملة يفقد القارئ ثقته في المؤلف، ويشعر بخيبة الرجاء في الكتاب، ويندم على ما قضاه من الوقت في تصفحه وتقليب أجفانه في أوراقه الصفراء الباهتة، وأحرفه المضعضعة وهوامشه المكتظة المزدحمة التي كأنها - لكثرة ما حشد فيها من حروف وكلمات - صفوف أقزام متراصة في رتل ضيق العطن يقصد بسيره مائلا (وهكذا يكون دائما وضع الهوامش واتجاهها) إلى ميدان القتال.
انتهى ما كتبه إلي أحد طلاب العلم منذ عشر سنوات.
هذه حال القارئ المشوق المتطلع في مقتبل العمر، وهي صورة وفق الحقيقة لا مبالغة فيها ولا إغراق.
لقد حاول المؤرخون من العرب وغيرهم درس سيرة محمد، بسرد حوادث حياته جافة مجردة عن التعليل والتفسير، وكان هم المسلمين منهم إثبات الوقائع بالرواية عن شهود الرؤية والسماع على طريقة علم مصطلح الحديث. وكان أولهم وأشهرهم ابن إسحاق الذي فقدت مخطوطة سيرته بعد أن نقل معظمها ابن هشام، وإن كان بعض الأئمة قد وصفه بالدجل (تعليق الحلبية على ملحوظة الإمام مالك)، وجرى كل كتاب السير بعده على خطة عقيمة؛ هي قبول كل ما يظنونه مؤيدا للرسالة ورد ما دون بغير تمحيص، وحتى دراسة تراجم الأشخاص الذين عاشروه وأحاطوا به سواء كانوا أهلا أم أزواجا أم صحابة، قد اتبع مؤرخو الإسلام فيها تلك الخطة نفسها، واعتبروا الوقائع أمورا مقدسة لا يجوز مسها إلا في حدود القداسة.
8
ناپیژندل شوی مخ