173

د اسلام انقلاب او انبياوو قهرمان: ابوالقاسم محمد بن عبدالله

ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله

ژانرونه

صلى الله عليه وسلم

نظري منذ صباي؛ إذ كنت أسمع سيرته تتلى في مولده الشريف ترتيلا وترنيما، فأعجبت به وعشقته بطلا وقدسته نبيا واتبعته رسولا هاديا، ولكنني شعرت أنه شخصية محفوفة بالتقديس الذي قد يمنع قراءة تاريخ حياته. عندما بدأت أقرأ تواريخ الرجال العظماء شعرت بأنني على الرغم من حبي إياه وتعلقي به لن أستطيع أن أقف على تفاصيل حياته، وأنني لن أستطيع أن أشفي غلتي بالإلمام بكل صغيرة وكبيرة من أقواله وأفعاله، وحوادثه وأعماله خاصة وعامة، ذلك الإلمام الذي يصور لعين نفسي كائنا حيا يتكلم ويعمل ويضحك ويبكي ويأمر وينهى ويروح ويغدو، ويكون حكمه في ذلك كله حكم العظماء الذين بدأت أقرأ أخبارهم في القصص والتواريخ، غير أن جو القداسة والغموض أرهبني وأوهمني بأنني لن أنال هذه الأمنية، وأقصد بالقداسة والغموض إلى الإرهاصات والعجائب التي سبقت مولده الشريف وصحبت طفولته ونشأته، كالتبشير به ونزول الملائكة وتظليل الغمام، وتهدم قصر كسرى وظهور الأنوار الباهرة في المكان الذي ولد فيه وانتشار علامات الفرح في السماء والأرض؛ كل تلك كانت تخالف ظروف المواليد الآخرين ... حتى الذين صاروا في رجولتهم أبطال العالم أمثال الإسكندر الأكبر ونابوليون بونابرت، أو زعماء العلم والحكمة أمثال سقراط وأفلاطون ... وإذن أيقنت في نفسي أن لهذا الرجل شأنا خاصا يختلف عن شئون غيره من الرجال، وكنت في هذه الفترة نفسها متعطشا للتلقي والمعرفة، أسمع القرآن وأدرك بعض معانيه القريبة وأفطن إلى الأعلام وبعض الحوادث الموصوفة بوضوح في السور؛ فأسمع أسماء موسى ويوسف وإبراهيم وعيسى بن مريم ونوح وزكريا ويحيى وهود وصالح، وأفهم من سياق التلاوة أنهم أنبياء ولكل منهم سيرة طويلة، تتخللها وقائع عجيبة وأخرى عادية.

أما محمد

صلى الله عليه وسلم ، أما ذلك البطل الذي سمعت قصته في ليالي مولده فلم يذكر باسمه إلا مرات معدودة.

محمد رسول الله

و

ما كان محمد أبا أحد من رجالكم .

سمعتهما عرضا بدون تلميح بواقعة ولا تصريح بحادثة من الحوادث العجيبة التي تخللت حياته كما ورد في قصة يوسف ومولد موسى وإلقائه في اليم، ونار إبراهيم وحوت يونس وسفينة نوح ومعجزات عيسى ... كل هذه الأحداث الخارقة للعادة مصورة في القرآن تصويرا ملونا يترك أثرا عميقا في نفس الطفل الذي كنته ... ولم أكن قد تطلعت نفسي لقراءة القرآن وفهمه على حقيقته لإدراك كل ما ورد في حق الرسول

صلى الله عليه وسلم

من الآيات البينات، اللهم إلا جزء عم وجزء تبارك ... فكان علينا أن نحفظهما عن ظهر قلب لنؤدي فيهما امتحانا. أما المعاني، أما التفسير، أما الفهم المباشر من النصوص ... التي كنا نلزم بحفظها فمحرمة؛ لأنه لم يئن أوانه، ولأن علمنا قاصر، ولأننا لا نملك الأدوات التي يملكها علماء التفسير ... هكذا قال لي الشيخ عبد العزيز خليل أول أساتذتي في العربية والقرآن الكريم ... والآن تجدني أتحسر أشد الحسرة على أنه لم يشرح لنا على الأقل سورة «اقرأ باسم ربك» التي كانت ضمن محفوظنا، ليقول لنا: إنها أول ما نزل من القرآن، وليست فاتحة الكتاب أوله، وليشير إلى الوحي ومعناه ومرماه ومقصده، ولو من طرف خفي؛ إذن كنا ننجو (ولو إلى حين) من الحيرة التي لحقتنا، بيد أن هذا الحرمان المؤقت لم يكن ليمنعني عن انتهاز الفرصة للاستزادة من تاريخ محمد

ناپیژندل شوی مخ