300

تيسير التفسير

تيسير التفسير

ژانرونه

، ونحوه، وأما دعوى أن تسميته منافقا مبالغة أو تشبيه بالمنافق الحقيقى وهو مضمر الشرك فلا دليل عليها، ولنا فى قوله: وزعم أنه مسلم، أن حقيقة المسلم من يوفى، وإن لم يوف بالدين لا يسمى مسلما إلا مجازا { ولن تجد لهم نصيرا } يخرجهم من ذلك الدرك الأسفل إلى طبقة فوقها، أو من النار كلها.

[4.146]

{ إلا الذين تابوا } من النفاق استثناء من المنافقين، أو من هاء لهم { وأصلحوا } عقائدهم وأعمالهم وأقوالهم { واعتصموا بالله } تمسكوا بدينه طلبا لمرضاة الله { وأخلصوا دينهم لله } لا رياء ولا سمعة ولا غرضا من أغراض الدنيا، قال الحواريون لعيسى، يا روح الله، من المخلص؟ قال : الذى يعمل لله تعالى ولا يحب أن يحمده الناس على عمله { فأولئك مع المؤمنين } الذين لم يصدر منهم نفاق فى الدرجات العلا والخيرات، وهم منهم أيضا عداد فى الدارين ينالهم ما ينال المؤمنين من الخير فى الآخرة، ويؤتهم ما يؤتى المؤمنين، ويجوز على الاستثناء المنقطع أن يكون الذين مبتدأ وخبره أولئك مع المؤمنين، والصحيح ما مر، والاستثناء متصل { وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما } فى الآخرة، وهو الجنة والخلود، وقيل الأجر العظيم، ما يزاد لمن ينافق ألبتة، وقيل، المراد بالمؤمنين من لم ينافق ومن نافق وتاب، وقياس الخط إثبات الياء فى يؤت لأنه غير مجزوم إلا أنه حذفت للساكن، وتبعها الحذف فى العثمانى ووجهه التلويحالخط إلى أصل مغمور، وهو ألا يكتب ما لا يقرأ، ولكن الأصل الأصيل أن يكتب للدلالة، ويوقف عليه بإسكان التاء على الصحيح، لأن القاعدة الوقف على المرسوم.

[4.147]

{ ما يفعل الله بعذابكم } فى الدنيا والآخرة، أو فى الآخرة { إن شكرتم } نعمه بأداء الفرائض واجتناب المحرمات { وءامنتم } به، أيتشفى من الغيظ والغيظ لا يلحقه، أو يدفع به ضرا وهو لا يلقحه، وهو القادر على الإطلاق، أو يجلب به نفعا وهو الغنى على الإطلاق والخطاب للمنافقين، وقيل للمؤمنين وهو ضعيف، والاستفهام بمعنى النفى، وما مفعول ليفعل، وأجيز أن تكون حرف نفى والباء زائدة فى المفعول، أى ما يفعل الله عذابكم، والظاهر الأول، والحاصل أن لا يستكمل لكمال ذاته، سبحانه وتعالى عن صفات الخلق، وقدم الشكر على الإيمان مع أنه لا عبرة بشىء مع عدم الإيمان، لأن الناظر يدرك النعمة فيعتقد شكرها أو يشكر منعمها إجمالا، ثم يمعن النظر فى الدلائل فيعرف المنعم فيؤمن به، ولأن الواو لا ترتب، أو هى للحال فتكون قيدا، أى صدر منكم الشكر فى حال الاتصاف بالإيمان أو بعده { وكان الله شاكرا } مثيبا بالكثير الدائم على القليل الفانى، شبه الإثابة بصرف العبد إعماله لله، فسماها باسمه، وهو الشكر، أو ذلك تسمية باسم السبب والملزوم، فشاكرا بمعنى مثيبا على الشكر، أو يجزى بقليل الطاعات كثير الدرجات ، أو المثنى على المطيع { عليما } بحق شكركم وإيمانكم كما أنه عالم بكم.

[4.148]

{ لا يحب الله الجهر } لا يرضى من أحد { بالسوء من القول } معاقبه للآخر { إلا من ظلم } استثناء من أحد المقدر، كذا يقال، والأولى أنه من الجهر على حذف المضاف، أى إلا جهر من ظلم، أو لا يحب الله صاحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، أو منقطع، أى لكن من ظلم له الجهر به، والمراد بالجهر هنا إسماع الأذن، لأنك إذ سمعتك أذنك سمعك الملك ومن معك من الجن، وهذا كما قال أبو هريرة، إن الجهر فى الصلاة إسماع الأذن، وقد يقال الجهر هنا إسماع غيرك، وعلى كل حال المراد ما شمل خفض الصوت، وقيل المراد رفع الصوت، ولكن خفضه لا يحبه الله أيضا، إلا أنه دون الجهر فى الذنب، وذلك دعاء على الظالم وتظلم منه، ويخبر بذلك، بأن يقول، هو فاسق، يأخذ مالى، أو يضرنى، أو نحو ذلك مما فعله به، خلص الله حقى منه، أو اللهم جازه، وإن قال له يا زانى فلا يقول له: يا زانى، وأجازه الحسن، وهو سهو، وإن قال له: يا مشرك، فقيل، لا يقله له، ومن قال الحاكم على المؤمن بالشرك مشرك أجاز له الرد به، وإن قال له الزانى عنده يا زانى، قال له، إن شاء، يا زانى، إن كان لا يسمع أحدا، أو يسمع من علم بزناه، ولا يدع عليه بما هو أكثر من حقه، أو بما يتعدى إلى ولده، ولا بسوء الخاتمة أو الفتنة فى الدين، فبعض منعه مطلقا، وبعض أجازه إن كان ظالما متمردا، وأجازه أصحابنا مطلقا فى صاحب الكبيرة لله لا انتقاما، وكذلك الإسرار بالسوء من القول لا يحبه الله إلا من ظلم، إلا أنه خص الجهر لأنه أفحش ولأنه سبب النزول، وهو أن رجلا أضاف قوما فلم يحسنوا ضيافته، ولما خرج تكلم فيهم جهرا، فنهاه الله، وأمثاله، لأنهم لم يظلموه، وروى أنها نزلت فى أبى بكر رضى الله عنه، إذ شتمه رجل مرارا، والنبى صلى الله عليه وسلم حاضر، وسكت أبو بكر، ثم رد عليه، فقام النبى صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر، يا رسول الله، شتمنى، ولم تقل شيئا حتى إذا رددت عليه قمت، قال:

" إن ملكا كان يجيب عنك فلما رددت عليه ذهب الملك وجاء الشيطان، فقمت "

، فأساغ الله عز وجل لأبى بكر جهره بالسوء لشاتمه ذلك، لأنه مظلموم { وكان الله سميعا } بقول الظالم والمظلوم وغيرهما { عليما } بما يفعل كل فاعل.

[4.149-150]

ناپیژندل شوی مخ