{ مذبذبين } مرددين، ردهم الشيطان من الذب بمعنى الدفع عن الجانبين مرة بعد أخرى، وحاصل ذلك جعل الشىء مضطربا، فهم مضطربون بين الإيمان والكفر، كما قال { بين ذلك } ما ذكر من الإيمان والكفر المعلومين مما تقدم ومن قوله { لآ إلى هؤلآء } المؤمنين، لا منتهين أو لا منسوبين { ولآ إلى هؤلآء } الكافرين أو بالعكس، أو لا صائرين إلى أحد الفريقين بالكلية، ولا الأولى عاطفة على محذوف، أى غير منتسبين إلى فريق: لا إلى الخ، ومذبذبين حال من واو يراءون، أو من واو قاموا، أو الإشارة إلى المؤمنين والكافرين، والذال الثانية زائدة بدل من الياء خلافا للبصريين { ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا } إلى الهدى، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
[4.144]
{ يآ أيها الذين ءامنوا } بالقلب واللسان { لا تتخذوا الكافرين } اليهود والمشركين، وقيل اليهود { أوليآء من دون المؤمنين } كما اتخذهم المنافقون، وقد قال الله عز وجل عنهم
الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين
[النساء: 139]، لا تتشبتهو بهم ظاهرا ولا باطنا، وقيل الذين آمنوا المنافقون، والمؤمنين هم المخلصون، وقيل الذين آمنوا المخلصون والكافرون المنافقون، ولا يتبادر القولان، ولا أن يعتنى بالمنافقين فينادوا بالإيمان، والتحذير من المشركين، ولا أن يخاطبوا بقوله { أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا } أى حجة بينة فى العذاب، أو تسلطا، فإذا هم اذا اتخذوهم أولياء قامت الحجة عليهم في العذاب وتسلط عليهم العذاب، ومن لم يتخذهم لم تقم عليهم حجة العذاب، ولم يظلمهم الله به، أو تجعلوا حجة على أنكم موافقون للحق مع أنكم مبطلون، وعن ابن عباس، كل سلطان فى القرآن بمعنى حجة.
[4.145]
{ إن المنافقين } المضمرين الشرك { فى الدرك الأسفل } الهاوية، محل آل فرعون، قال الله تعالى:
أدخلوا آل فرعون أشد العذاب
[غافر: 46]، ويليها الجحيم لأهل الشرك، فسقر للمجوس، فالسعير للصابئين، فالحطمة لليهود فلظى للنصارى، فجهنم لفساق الموحدين، سميت دركات، لأن بعضهن مدارك لبعض أو متابع، والدرجات والدركات بمعنى واحد، إلا أن الدرك باعتبار الهبوط، والدرج باعتبار الصعود، وقد تسمى السبع كلها بجهنم، وبعض ببعض { من النار } لأنهم صموا إلى الكفر، استهزاء بالإسلام وخداعا للمسلمين، وأما المنافق يعمل الكبائر الذى لم يضمر الشرك فلا يكون فى الدرك الأسفل من النار عندى، بل فى الأعلى، كيف يكون تحت المشركين ومعهم وهو موحد، فإنا نرى أهل الكتاب فوق سائر أهل الشرك، لتعاطيهم متابعة الأنبياء والكتب، ولنا في تسمية الفاسق غير المشرك منافقا، وأنه لا يسمى مسلما حقيقة قوله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى، وزعم أنه مسلم، من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان "
ناپیژندل شوی مخ