264

تيسير التفسير

تيسير التفسير

ژانرونه

[4.63]

{ أولئك الذين يعلم الله ما فى قلوبهم } من النفاق وحب المخالفة، فلن يفوته عقابهم { فأعرض عنهم } لا تعاقبهم، فإن فى ترك عقابهم صلاحا، ولو عاقبتهم لقال ناس بجهلهم، عاقبهم فى أدنى شىء، وكانت الفتنة فى أهله، أو فأعرض عن قبول عذرهم، كما يقال اعتذر إليه فأعرض عنه بمعنى أنه لم يجبه بقبول عذره ولم يلتفت إلى قبوله، والمصيبة تكون عقابا على الذنب، وإن لم يتب عوقب أيضا عليه فى الآخرة، وتكون للثواب وتكون مغفرة لما لم يصر عليه وأهمله { وعظهم } بالزجر عن النفاق والمكر والكذب، وبعقاب الله فى الآخرة { وقل لهم فى أنفسهم } فى شأن أنفسهم الخبيثة وحقها، أو فى خلوة بهم فإن النصح فى السر أنفع وفى الجهر فضيحة { قولا بليغا } أكيدا يأخذ منهم مأخذا بأن يكون خشونة فى حق، مثل أن يقول أنتم لا بد مغلوبون مفتضحون، وقد استوجبتم أكثر مما استوجب من أظهر الشرك، إلا أن الله ستر عليكم لظاهر إسلامكم، فكيف تأمنون أن ينزل عيكم ما أنزل على المشركين المجاهرين من قتل، وسبى، وغنم، فقد يسلط الله عليكم المسلمين.

[4.64]

{ ومآ أرسلنا من رذسول إلا ليطاع } فى الواجب والمباح، وكذا الأمراء المحقون، وقيل لا تجب طاعة الأمراء فى المباح والمندوب إليه، وقيل تجب إن لم تكن فيها مضرة { بإذن الله } بأمر الله، أو فيما أمر الله به، وهذا رسولنا لم يطيعوه في حكمه الذى أمره الله به، أو اجتهد ومن لم يطعه فهو كافر لم يؤمن برسالته، وذكر الإرسال مغن عن أن يقال المعنى، وما أرسلنا بإذن الله أى بشريعته من رسول إلا ليطاع { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم } بالنفاق وتوابعه من عدم الرضا بحكمه كما مر، ومن الدخول عليه ليقتلوه موهمين الزيارة وبالتحاكم إلى الطاغوت { جآءوك فاستغفروا الله } من ذنوبهم مخلصين { واستغفر لهم الرسول } مقتضى الظاهر،واستغفرت لهم، لكن ذكر الرسول تفخيما له تنبيها على أن من شأن الرسول قبول العذر، ومنه عليهم لو قبلوها لأن استغفار الرسول عظيم { لوجدوا لله } صادفوه، أو علموه، لأنهم إن تابوا أخبرهم الله بقبولها فذلك لهم علم { توابا } قابلا لتوبتهم { رحيما } متفضلا عليهم بزيادة الخير، روى أن قوما من المنافقين دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه فأخبره جبريل عليه السلام، فقال: إن قوما دخلوا على يريدون أمرا لا ينالونه ، فليقوموا وليستغفروا الله حتى استغفر لهم، فلم يقوموا، فقال: قوموا فلم يفعلوا: فقال صلى الله عليه وسلم:

" قم يا فلان، قم يا فلان حتى عد اثنى عشر رجلا، فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى الله عز وجل من ظلم أنفسنا، فاستغفر لنا، فقال: الآن اخرجوا، أما كنت فى بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار وكان الله أقرب إلى الإجابة اخرجوا عنى ".

[4.65]

{ فلا } زيدت لا تأكيدا للقسم كقوله:

خليلى لا والله ما من ملمة

تدوم على حى وإن هى جلت

أو لتأكيد النفى فى الجواب، ولم تسمع زيادتها مع القسم بالله إلا إن كان الجواب بنفى، أو لا نافية، أى فلا صحة لإيمانهم الذى ادعوه، أو يقدر فلا يؤمنون، فيؤكد بقوله { وربك لا يؤمنون } إيمانا كاملا، وإلا فإن الإنسان قد يسلم من قلبه ولا يجد من نفسه قبولا، وبين الله بالآية ضعف إيمانهم { حتى يحكموك فيما شجر } فيما تخالف من أمورهم وأقوالهم وقلوبهم، كتخالف أغصان الشجر ولتخالفها سمى شجرا { بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا } ضيقا أو شكا، فإن الشاك فى ضيق حتى يطمئن، أو إثما { مما قضيت } أثبته بالحكم أو من قضائك أى إثباتك { ويسلموا } ينقادوا ظاهرا وباطنا لأمرك { تسليما } بلا معارضة.

ناپیژندل شوی مخ