ذكر المصنف- واعْتَرَضَه ابنُ راشدٍ بأن الأبهري إنما ذَكَرَه مفسِّرًا لقولِ ابن القاسم، والتفسيرُ لا يُعَدُّ خِلافًا.
فائدة:
كثيرًا ما يّذكر أهلُ المذهبِ: الحُكْمُ كذا، مراعاةً للخلافِ. ويقولون: هل يُراعَى كُلُّ خلافٍ أو المشهورُ؟ وهل المشهورُ ما قَوِيَ دليلُه، أو كَثُرَ قائلُه؟ خلافٌ. وكذلك اختُلِفَ في المشهور في مذهبِنا، والذي ذهبَ إليه المغاربةُ أنه مذهبُ المدونةِ.
ابنُ عبد السلام: والذي يَنبغي أَنْ يُعتمد أنّ الإمام- رحمه الله تعالى- إنما يُراعي ما قَوِيَ دليلُه، وإذا قَوِيَ فليس بمراعاةِ خلافٍ، وإنما هو إعطاءُ كلٍّ مِن الدليلين ما يَقتضيه مِن الحُكْمِ مع وجود المُعَارِضِ، فقد أجازَ الصلاةَ على جلودِ السباعِ، وأَكْلَ الصيدِ وإنْ كان أَكَلَ الكلبُ منه، وأباح بيعَ ما فيه حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ غيرِ الطعامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مع مخالفةِ الجمهورِ فيها، فَدَلَّ على أنَّ المرَاعَى عنده إنما هو قوةُ الدليلِ.
فرع:
وأما الترابُ إذا تَيمم عليه مَرَّةً- فيَجُوزُ أنْ يَتيمم عليه مرةً أخرى، ولا يُكره ذلك. نَص عليه في العتبية، وفَرَّق بينه وبين الماءِ المستعملِ عبدُ الحقِّ وابنُ رشد بأنّ الماءَ لابُدَّ أنْ يتعلق به أوساخٌ بخلافِ الترابِ.
وَالْقَلِيلُ بِنَجَاسَةٍ: الْمَشْهُورُ: مَكْرُوهٌ. وَقِيلَ: نَجِسٌ. وَفِيهَا: فِي مِثْلِ حِيَاضِ الدَّوَابِّ أَفْسَدَهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى- أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، فَحُمِلَ عَلَى النَّجَاسَةِ لِلتَّيَمُّمِ، وَعَلَى الْكَرَاهَةِ لِلْوَقْتِ، وَعَلَى التَّنَاقُضِ. وَقِيلَ: مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِصَلاةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِهِ لِصَلاتَيْنِ، فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدُ فَعَلَهُمَا لِصَلاةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ....
اختُلف في مقدارِ القليلِ، فوقع لمالكٍ أنه آنيةُ الوضوءِ والغسلِ. وفي كلام عبد الوهاب أنه الحُبُّ والجَرَّةُ، وقال بعضُ المتأخرِين: إنه القُلَّتَانِ، على ما جاء في الحديث. والقلتان:
1 / 14