يخرجه من العذاب بعد وقوعه فيه. والثانية شفاعة قولية بأن يحال بين المذنب وبين المؤاخذة ١انتهى.
فانظر إلى هذا التقسيم الباطل، وهل يعقل الناس شفاعة إلا بالكلام من الشافع كما في حديث الشفاعة الطويل: "حتى استأذن على ربي فإذا رأيته وقعت له أو خررت ساجدا لربي فيدعني ما شاء الله ثم يقال ارفع محمد، قل يسمع واشفع تشفع وسل تعطه، فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة" ٢. وذكر الثانية كذلك والثالثة والرابعة.
وكذلك شفاعة النبي ﷺ في إخراج ناس من النار يقال له انطلق فأخرج
من قلبه كذا من إيمان.
فالعجب من ترويج هذا المبطل وهل يسمى الفعل المجرد عن القول شفاعة عند عالم أو جاهل؟! إنما الشفاعة بالكلام وقبولها بالفعل من الشافع فيما أذن له فيه، فإدخاله ﷺ الجنة من أمره الله بإدخاله وإخراجه من النار من أمره بإخراجه هذا حقيقة قبول الشفاعة، لا أن ذلك شفاعة أخرى.
وهل يوجد في حديث أنه ﷺ أدخل أحدا الجنة أو أخرج أحدا من النار بغير أمر الله؟ وهذا أمر واضح ما يحتاج إلى توضيح لكن ربما يحصل بكلامه تشبيه على الجاهل فلو ذهبنا نتتبع ما في كلامه من الركاكة والتناقض والعيب لاحتمل مجلدا.
من ذلك قوله على قوله في القصيدة: أو شافعا لي مما قد جنيت: فمراد إخباره عن نوع آخر من الشفاعة وهو كونه شافعا لي باستغفاره أو بدعائه لا بفعله، فيشفع لي شفاعة ثانية مما جنيت من الذنوب فلا يؤاخذني بها فلا أرى العذاب بالكلية أو يزيد في درجاتي.
_________
١ في "أ" "بين الذنب وبين المؤاخذة به".
٢ أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، حديث ٦٥٦٥، ومسلم كتاب الإيمان، باب حديث الشفاعة، حديث ٤٧٤.
1 / 65